قوله " فليضحكوا " صيغته صيغة الامر والمراد به التهديد، وإنما قلنا: إنه بصورة الامر، لان اللام ساكنة ولو كانت لام الإضافة لكانت مكسورة لأنها تؤذن بعملها للجزاء المناسب لها، فلذلك الزمت الحركة. والمراد بالآية الاخبار عن حال هؤلاء المنافقين وأنها في وجه الضحك كحال المأمور منه فيما يؤول إليه من خير أو شر على صاحبه، فلذلك دخله معنى التهدد، والضحك حال تفتح وانبساط يظهر في وجه الانسان عن تعجب مع فرح، والضحاك هو الانسان خاصة. والبكاء حال يظهر عن غم في الوجه مع جري الدموع على الخد، وهو ضد الضحك تقول:
بكا بكاءا، وأبكاه الله إبكاءا، وبكاه تبكية وتباكى تباكيا واستبكي استبكاءا ومعنى الآية أن يقال لهؤلاء المنافقين: فاضحكوا بقليل تمتعكم في الدنيا فإنكم ستبكون كثيرا يوم القيامة إذا حصلتم في العقاب الدائم " جزاء بما كانوا يكسبون " نصب (جزاء) على المصدر أي تجزون على معاصيكم، ذلك جزاء على أفعالكم التي اكتسبتموها.
قوله تعالى:
فان رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين (84) آية.
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " فان رجعك الله " يعني ان ردك الله " إلى طائفة منهم يعني جماعة. فالرجوع هو تصيير الشئ إلى المكان الذي كان فيه، تقول:
رجعته رجعا كقولك رددته ردا، وقد يكون التصيير إلى الحال التي كان عليها كرجوع الماء إلى حال البرودة. والطائفة الجماعة التي من شأنها أن تطوف ولهذا لا يقال في جماعة الحجارة طائفة، وقد يسمى الواحد بأنه طائفة بمعنى نفس طائفة