التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٥
قلوبهم بخلهم بما آتاهم الله من فضله مع الاعراض عن أمر الله، وهو قول الحسن وقال مجاهد: معناه أعقبهم ذلك بحرمان التوبة كما حرم إبليس، وجعل ذلك إمارة ودلالة على أنهم لا يتوبون أبدا لاحد شيئين: من قال: أعقبهم بخلهم رد الضمير إليه. والمعنى يلقون جزاء بخلهم. ومن ذهب إلى أن الله أعقبهم رد الضمير إلى اسم الله.
وقوله " بما أخلفوا الله ما وعدوه " فالاخلاف نقض ما تقدم به العقد من وعد أو عزم وأصله الخلاف، لأنه فعل خلاف ما تقدم به العقد. والوعد متى كان بأمر واجب أو ندب أو أمر حسن قبح الاخلاف، وإن كان الوعد وعدا بقبيح كان إخلافه حسنا. وقوله " وبما كانوا يكذبون " يقوي قول من قال: إن الضمير عائد إلى الله لأنه بين انه فعل ذلك جزاء على اخلافهم وعده وجزاء على ما كانوا يكذبون في اخبارهم عليه.
قوله تعالى:
ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجويهم وأن الله علام الغيوب (79) آية.
الألف في قوله " ألم يعلموا " الف استفهام والمراد به الانكار. يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " ألم يعلموا " هؤلاء المنافقون " أن الله يعلم سرهم " يعني ما يخفون في أنفسهم وما يتناجون بينهم، والمعنى انه يجب عليهم أنت يعلموا ذلك. تقول:
أسره إسرارا، واستسر استسرارا، وساره مسارة وسرارا، وتسارا إسرارا، والاسرار اخفاء المعنى في النفس والنجوى رفع الحديث باظهار المعنى لمن يسلم عنده من اخراجه إلى عدو فيه لأنه من النجاة تقول: ناجاه مناجاة، وتناجوا تناجيا فكأن هؤلاء المنافقون يسرون في أنفسهم الكفر ويتناجون به بينهم. وقيل: السر والنجوى
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست