التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٧٩
المذكورين ان ينصحوا الله ورسوله بأن يخلصوا العمل من الغش، يقال: نصح في عمله نصحا، وناصح نفسه مناصحة، ومنه التوبة النصوح. ثم قال " ما على المحسنين من سبيل " أي ليس على من فعل الحسن الجميل طريق. والاحسان هو ايصال النفع إلى الغير لينتفع به مع تعريه من وجوه القبح. ويصح أن يحسن الانسان إلى نفسه ويحمل على ذلك، وهو إذا فعل الافعال الجميلة التي يستحق بها المدح والثواب.
وقوله " والله غفور رحيم " معناه ساتر على ذوي الأعذار بقبول العذر منهم " رحيم " بهم لا يلزمهم فوق طاقتهم. وقال قتادة: نزلت هذه الآية في عابد بن عمرو المزني وغيره. وقال ابن عباس: نزلت في عبد الله بن معقل المزني، فإنه وجماعة معه جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا له: احملنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا أجد ما أحملكم عليه.
قوله تعالى ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تقيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون (93) آية.
هذه الآية عطف على الأولى والتقدير ليس على الذين جاءوك - وسألوك حملهم حيث لم يكن لهم حملان، فقلت لهم يا محمد " لا أجد ما أحملكم عليه " اي ليس لي حملان فحينئذ " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع " يبكون " حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون " في هذا الطريق ويتابعونك - حرج وأثم ولا ضيق وإنما حذف لدلالة الكلام عليه. والحمل إعطاء المركوب من فرس أو بعير أو غير ذلك تقول حمله يحمله حملا إذا أعطاه ما يحمل عليه. وحمل على ظهره حملا، وحمله الامر تحميلا وتحمل تحملا، واحتمله احتمالا، وتحامل تحاملا. واللام في قوله " لتحملهم "
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست