التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٢٨
الجبائي - وقال الحسن: تقديره كراهية أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم. وقال الزجاج: هو في موضع نصب، لان تقديره في أن يجاهدوا، فلما حذف حرف الجر انتصب، وعند سيبويه وغيره هو في موضع الجر.
وقوله " والله عليم بالمتقين " اخبار منه تعالى بأنه يعلم من يتقي معصية الله ويخاف عقابه، ومن لا يتقيه. قال ابن عباس هذا تعيير للمنافقين حين استأذنوه في القعود عن الجهاد وعذر للمؤمنين، فقال: لم يذهبوا حتى يستأذنوه. والمعنى انه لم يخرجهم من صفة المتقين إلا أنه علم أنهم ليسوا منهم.
فان قيل أي الجهادين أفضل: أجهاد السيف أم جهاد العلم؟
قيل: هذا بحسب الحاجة إليه والمصلحة فيه، وكذلك الجهاد بالمال والجهاد بالنفس. وإنما يقع التفاضل مع استواء الأحوال الا بمقدار الخصلة الزائدة من خصال الفضل. وأجاز الرماني الجهاد مع الفساق إذا عاونوا على حق في قتال الكفار لأنهم يطيعون في ذلك الفعل كما هم مطيعون في الصلاة والصيام وغير ذلك من شريعة الاسلام. والظاهر من مذهب أصحابنا أنه لا يجوز ذلك إلا ما كان على وجه الدفع عن النفس وعن بيضة الاسلام.
قوله تعالى:
إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون (46) آية.
أخبر الله تعالى في هذه الآية بأنه إنما يستأذن النبي صلى الله عليه وآله في التأخر عن الجهاد والقعود عن القتال معه القوم " الذين لا يؤمنون بالله " اي لا يصدقون بالله ولا يعترفون به " واليوم الآخر " يعني بالبعث والنشور " وارتابت قلوبهم " يعني اضطربت وشكت. والارتياب هو الاضطراب في الاعتقاد بالتقدم مرة والتأخر أخرى. والريبة
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست