التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٣٣
قد أخذن من بياض الروم وسواد الحبشة فكن صفرا لعسا، فنزلت هذه الآية فيه.
وقال الحسن وقتادة وأبو عبيدة وأبو علي والزجاج: معنى ولا تفتني ولا تؤثمني بالعصيان في المخالفة التي توجب الفرقة، فتضمنت الآية ان من جملة المنافقين من استأذن النبي صلى الله عليه وآله في التأخر عن الخروج، والاذن رفع التبعة في الفعل، وهو والإباحة بمعنى، وقال له " لا تفتني " اي لا تؤثمني بأن تكلفني المشقة في ذلك فأهم بالعصيان أو لا تفتني ببنات أصفر على ما حكيناه، فقال الله تعالى " ألا في الفتنة سقطوا " أي وقعوا في الكفر والمعصية بهذا القول وبهذا الفعل. والسقوط الوقوع إلى جهة السفل ووقوع الفعل حدوثه وسقوطه أيضا. وقوله " وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " اخبار منه تعالى أن جهنم مطيفة بما فيها من جميع جهاتها بالكافرين.
والإحاطة والإطافة والإحداق نظائر في اللغة. ولا يدل ذلك على أنها لا تحيط بغير الكفار من الفساق الا ترى أنها تحيط بالزبانية والمتولين للعقاب، فلا تعلق للخوارج بذلك.
قوله تعالى:
إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون (51) آية.
هذا خطاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله بأن هؤلاء المنافقين الذين ذكر هم متى نال النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين حسنة أي نعمة من الله تعالى وظفر بأعدائهم وغنيمة ينالونها ساءهم ذلك وأحزنهم، وإن تصبهم مصيبة أي آفة في النفس أو الأهل أو المال - وأصلها الصوب - وهو الجري إلى الشئ، يقال: صاب يصوب صوبا، ومنه صوب الاناء إذا ميله للجري، والصواب إصابة الحق " يقولوا " يعني هؤلاء المنافقين " قد أخذنا أمرنا من قبل " ومعناه قد حذرنا واحترزنا، في قول مجاهد وغيره، ومعناه
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست