التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٢٧
في هذا الاذن. قال: لأنه لا يجوز أن يقال لم فعلت ما جعلت لك فعله؟ كما لا يجوز أن يقول لم فعلت ما أمرتك بفعله. وهذا الذي ذكره غير صحيح، لان قوله " عفا الله عنك " إنما هي كلمة عتاب له صلى الله عليه وآله لم فعل ما كان الأولى به أن لا يفعله، لأنه وإن كان له فعله من حيث لم يكن محظورا فان الأولى ان لا يفعله، كما يقول القائل لغيره إذا رآه يعاتب أخاله: لم عاتبته وكلمته بما يشق عليه؟ وإن كان له معاتبته وكلامه بما يثقل عليه. وكيف يكون ذلك معصية وقد قال الله في موضع آخر:
" فان استأذنوك لبعض شأنهم فاذن لمن شئت منهم " وإنما أراد الله أنه كان ينبغي أن ينتظر تأكيد الوحي فيه. ومن قال هذا ناسخ لذلك فعليه الدلالة.
وقوله " لم أذنت " فالاذن رفع التبعة، عاتب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله لم أذن لقوم من المتأخرين عن الخروج معه إلى تبوك وإن كان له اذنهم لكن كان الأولى ان لا يأذن " حتى يتبين لك " حتى يظهر لك " الذين صدقوا " في قولهم لو استطعنا لخرجنا معكم، لأنه كان فيهم من اعتل بالمرض والعجز وعدم الحمولة " وتعلم الكاذبين " منهم في هذا القول.
قوله تعالى:
لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين (45) آية.
أخبر الله تعالى نبيه بعلامة المنافقين والكاذبين بأن بين أنه لا يستأذن أحد النبي صلى الله عليه وآله في التأخر عنه والخروج معه إلى جهاد أعدائه ولا يسأله الاذن في التأخر القوم الذين يؤمنون بالله ويصدقون به ويقرون بوحدانيته ويعترفون باليوم الاخر. والاستئذان طلب الاذن من الاذن. ومعنى قوله " أن يجاهدوا " فيه حذف وتقديره لان لا يجاهدوا بحذف (لا) لان ذمهم قد دل عليه - هذا قول أبي علي
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست