وقوعه. والمعنى ولما يجاهدوا ويمتنعوا ان يتخذوا وليجة ويعلم الله ذلك منكم فجاء مجئ نفي العلم لنفي المعلوم، لأنه متى كان علم الله انه كائن. وكان أبلغ وأوجز، لأنه اتى على طريقة نفي صفات الله تعالى.
وقوله " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " تقديره ولما يعلم الله الذين آمنوا لم يتخذوا من دون الله ولا رسوله وليجة، فالوليجة الدخيلة في القوم من غيرهم تقول: ولج يلج ولوجا وأولج إيلاجا وتولج تولجا بمعنى الدخول.
والوليجة والدخيلة والبطانة نظائر. وكل شئ دخل في شئ وليس منه فهو وليجة، قال طرفة:
فان القوافي يتلجن موالجا * تضايق عنها ان تولجها الابر (1) وقال آخر:
متخذا من ضعوات تولجا * متخذا فيها ايادا دولجا (2) يعني الكأس. وقال الفراء: نهوا ان يتخذوا بطانة يفشون إليهم اسرارهم.
وقال الجبائي: اتخاذ الوليجة من دون الله ودون رسوله هو النفاق. نهوا أن يكونوا منافقين، وهو قول الحسن، فإنه قال: الوليجة هي الكفر والنفاق. وفي الآية دلالة على أنه لا يجوز ان يتخذ من الفساق وليجة، لان في ذلك تأليفا بالفسق يجري مجرى الدعاء إليه مع أن الواجب معاداة الفساق والبراءة منهم، ومع ذلك فهو غير مأمون على الاسرار والاطلاع عليها. قال الزجاج: كانت براءة تسمى الحافرة، لأنها حفرت عن قلوب المنافقين، لأنه لما فرض القتال تميز المؤمنون من المنافقين ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي أعداءهم.
قوله تعالى:
ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم