بقتال حلفاء النبي صلى الله عليه وآله من خزاعة، فإنهم إذا قاتلوهم يعذب الله الكفار بأيديهم يعني بأيدي المؤمنين الذين يقاتلونهم، وينصركم أيها المؤمنون ينصركم الله " عليهم ويشف " بذلك " صدور قوم مؤمنين " وفي ذلك دليل على أنه اشتد غضب جماعة المؤمنين لله، فوعدهم الله النصر، في قول قتادة والزجاج. وفيها دلالة على نبوة النبي صلى الله عليه وآله لأنه وعده النصر فكان الامر على ما قال. وقوله " ويذهب غيظ قلوبهم " قيل المراد بهم خزاعة الذين قاتلوهم، في قول السدي وغيره، لأنهم كانوا حلفاء النبي صلى الله عليه وآله. والتعذيب ايقاع العذاب لصاحبه والعذاب ألم يستمر به، قال عبيد ابن الأبرص:
والمرء ما عاش في تكذيب * طول الحياة له تعذيب ومعنى " يعذبهم الله بأيديكم " اي انكم إذا تناولتموهم بالسلاح من السيوف والنبل والرماح انزل الله بهم العذاب. وقال أبو علي: ذلك مجاوز والمعنى انه لما كان ذلك بأمر الله اضافه إلى نفسه، وهو أحسن من الأول.
وقوله " ويخزهم " معناه يذلهم والاخزاء الاذلال بما فيه الفضيحة على صاحبه خزي خزيا وأخزاه الله إخزاء. ويجوز في " ويخزهم " ثلاثة أوجه من الاعراب:
الجزم باللفظ وعليه القراء. والنصب على الظرف، والرفع على الاستئناف ولم يقرأ بهما.
وقوله " ويشف صدور قوم مؤمنين " فالشفاء سلامة النفس بما يزيل عنها الأذى، فكلما وافق النفس وأزال عنها الهم فهو شفاء وقيل " ويشف صدور قوم مؤمنين " يعني خزاعة، لأنهم نقضوا العهد بقتالهم - في قول مجاهد والسدي - والصدور جمع الصدر وهو الموضع الأجل الذي يصدر عنه الامر، ومنه الايراد والاصدار.
وقوله " ويذهب غيظ قلوبهم " معناه يبطل غيظهم ويعدمه. والاذهاب جعل الشئ يذهب والذهاب الانتقال عن الشئ، والمجئ الانتقال إلى الشئ، والغيظ نقض الطبع بانزعاج النفس. تقول: غاظه يغيظه غيظا واغتاظ اغتياظا وغايظه مغايظة.