وقوله " والله لا يهدي القوم الظالمين " اخبار منه تعالى انه لا يهدي أحدا ممن ظلم نفسه وكفر بآيات الله، وجحد وحدانيته إلى الجنة كما أنه يهدي إليها من كان عارفا بذلك فاعلا لطاعته مجتنبا لمعصيته.
واختلفوا في سبب نزول الآية فقال قوم: سأل المشركون اليهود فقالوا:
نحن سقاة الحجيج وعمار المسجد الحرام أفنحن أفضل أم محمد وأصحابه؟ فقالت اليهود لهم: أنتم أفضل، عنادا للنبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين. وقال آخرون: تفاخر المسلمون الذين جاهدوا والذين لم يجاهدوا. فنزلت الآية، ذكره الزجاج.
قوله تعالى:
الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون (21) آية.
موضع " الذين " رفع بالابتداء وخبره أعظم درجة. اخبر الله تعالى ان الذين آمنوا يعني صدقوا بالله واعترفوا بوحدانيته، وأقروا بنبوة نبيه، وهاجروا عن أوطانهم التي هي دار الكفر إلى دار الاسلام، وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله. ومعناه يتضاعف فضلهم عند الله مع شرف الجنس.
ولو قال أعلى درجة أفاد شرف الجنس فقط.
وقوله " أولئك هم الفائزون " اخبار منه تعالى ان من وصفه هم الذين يظفرون بالبغية ويدركون الطلبة، لان الفوز هو الظفر بالبغية وهو والفلاح والنجاح نظائر.
وقيل: إنه يلحق بمثل منزلة المجاهدين من لم يجاهد بأن يجاهد في طلب العلم الديني فيتعلمه ويعلم غيره ويدعو إليه والى الله. وربما كانت هذه المنزلة فوق تلك فان قيل كيف قال " أعظم درجة " من الكفار بالساقية والسدانة؟ قلنا: على ما روينا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وابن عباس وغيرهم لا يتوجه السؤال عن