التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٤
الف الاستفهام، فصارت تحضيضا كما انها إذا دخلت على " ليس " صارت تقريرا و " ألا " موافقة للتحضيض بالاستقبال و " أليس " إنما هي للحال، فهي موافقة للحال بهذا المعنى. وإذا قال: " ألا تقاتلون " كان معناه التحضيض على قتالهم وإذا قال: " الا قاتلتم " كان ذلك تأنيبا، لان ما يلزم إذا ترك ذم على تركه ويحض على فعله قبل وقته. حض الله تعالى المؤمنين على قتال الكفار الذين " نكثوا ايمانهم وهموا باخراج الرسول " من مكة اي قصدوه. والهم مقاربه الفعل بالعزم من غير اتباع له، وقد ذموا بهذا الهم ففيه دليل على العزم وقد يستعمل الهم على مقاربة العزم.
وقوله " وهم بدؤكم أول مرة " فالبدوء فعل ما لم يتكرر والمرة الفعلة من المر، والمرة والكرة والدفعة نظائر. ومعنى " بدؤكم أول مرة " بدؤا حلفاء النبي صلى الله عليه وآله بالقتال من خزاعة، في قول الزجاج، وقال ابن إسحاق والجبائي:
بدؤوا بنقض العهد. وقال الطبري: بدؤهم بخروجهم إلى بدر، لقتالهم.
وقوله " أتخشونهم " معناه أتخافونهم. ثم قال: " والله أحق ان تخشوه " اي تخافوه " ان كنتم مؤمنين " وفي ذلك غاية الفصاحة لأنه جمع بين التقريع والتشجيع. والمعنى أتخشون ان ينالكم من قتالهم مكروه، فالله أحق ان تخشوا عقابه في ارتكاب معاصيه إن كنتم مصدقين بعقابه وثوابه.
قوله تعالى:
قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين (15) ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم (16) آيتان.
هذه امر من الله تعالى للمؤمنين بأن يقاتلوا هؤلاء الناقضين للعهد البادئين
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست