" عهدهم " وأثبت لهم الايمان. فان قيل كيف نفى فقال " إنهم لا أيمان لهم " وقد أثبتها في الأول من الآية بقوله " وان نكثوا أيمانهم "؟!
قلنا: اليمين التي أثبتها هي ما حلفوا بها وعقدوا عليها، ولم يفوا، وإنما المراد به انهم لا أيمان لهم يفون بها، ويتمسكون بموجبها. وقال أبو علي النحوي " أئمة " على وزن " افعلة " جمع إمام نحو مثال وأمثلة فصار أئمة، واجتمع همزتان الف أفعلة، والهمزة التي هي فاء الفعل، والتي هي فاء الفعل ساكنة فنقل إليها حركة التي بعدها ليمكن النطق بها. فمن خففها اتى بالهمزتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة. ومن كره ذلك قلب الثانية ياء ولم يجعلها بين بين، لان همزة بين بين في تقدير التحقيق وذلك مكروه عندهم. وقال الرماني: إنما جاز اجتماع الهمزتين في كلمة، لئلا يجتمع على الكلمة تغيير الادغام والانقلاب مع خفة التحقيق لأجل ما بعده من السكون، وهو مذهب ابن أبي إسحاق من البصريين. والباقون لا يجيزونه، ذكره الزجاج، قال لأنه يلزم عليه ان يقرأ " أأم " بهمزتين وذلك باطل بالاتفاق. وعلى هذا القول هذا أأم بهمزتين، قال: وإنما قلبت الهمزة في أئمة على حركتها دون حركة ما قبلها، لان الحركة إنما نقلها إلى الهمزة لبيان زنة الكلمة، فلو ذهبت تقلبها على ما قبلها لكان مناقضا للغرض فيها وإذا بنيت من الإمامة هذا افعل من هذا قلت هذا أوم من هذا في قول المازني - لان أصله كان أأم فلم يمكنه ان يبدل منها الفاء لاجتماع الساكنين، فجعلها واوا كما قالوا في جمع آدم أوادم. قال الزجاج: وهو القياس وهذا أيم من هذا في قول الأخفش، قال: لأنها صارت الياء في أيمة بدلا لازما.
وقوله " وان نكثوا ايمانهم " فالنكث نقض العهد الذي جعل لتوثيق الامر وذلك بالخلاف لما تقدم من العزم. و " الايمان " جمع يمين، وهو القسم والقسم هو قول عقد بالمعنى لتأكيده، وتغليظ الامرة فيه نحو والله ليكونن وتالله ما كان، فيجوز أن يكون من اعطى صفقة بمينه، ويجوز أن يكون من يمن