التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٧٩
قوله تعالى:
اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون (10) آية.
قيل في من نزلت هذه الآية بسببه قولان:
قال مجاهد: نزلت في أبي سفيان لما جمعهم على طعامه فاطعم حلفاءه وترك حلفاء النبي صلى الله عليه وآله. وقال أبو علي الجبائي: نزلت في قوم من اليهود دخلوا في العهد فيما دلت عليه هذه الصفة. ومعنى " اشتروا بآيات الله " استبدلوا بحجج الله وبيناته العظيمة الشأن " ثمنا قليلا " اي عرضا قليلا. واصل الاشتراء استبدال ما كان من المتاع بالثمن، ونقيضه البيع، وهو العقد على تسليم المتاع بالثمن.
والثمن ما كان من العين والورق - في الأصل - ثم قيل لما اخذوه بدل آيات الله ثمن، لأنه بمنزلته في أنه يستبدل به. وقوله " فصدوا عن سبيله " اي صدوا عن الاسلام، ومعنى هذه الفاء كمعنى جواب الجزاء، لان اشتراءهم هذا اداهم إلى الصد عن سبيل الله. والصد هو المنع. ثم اخبر تعالى عنهم انهم بئس ما كانوا يعملونه من هذا الاستبدال.
قوله تعالى:
لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون (11) آية.
قد بينا ان المراقبة هي المراعاة لما تقدم من العهد الذي يلزم الديانة، لئلا يقع اخلال بشئ منه. والئل العهد. والذمة عقد الجوار، وهما متقاربان. وفصل بينهما بأن الذمة عقد قوم يذم نقضه. والئل الذي هو العهد عقد يدعو إلى الوفاء والبيان الذي فيه، لأنه يلوح المعنى الذي يدعوا إلى الوفاء إذا ضل كل واحد
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست