فهؤلاء يصدون عن سبيل الله بما يدعون الناس إلى الاعراض عنها من معاداة أهلها وقتالهم عليها وتكذيبهم بما جاء به الداعي إليها. والفرق بين الصد والمنع أن المنع ما يتعذر معه الفعل والصد ما يدعو إلى ترك الفعل.
وقوله " والله بما تعملون محيط " معناه يحتمل أمرين: أحدهما - انه يحيط علمه بما يعملونه. الثاني - انه قادر على جزاء ما يعملونه من ثواب أو عقاب.
قوله تعالى:
وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب (49) آية.
التقدير: واذكر " إذ زين لهم " يعني المشركين " زين لهم الشيطان اعمالهم بمعنى حسنها في نفوسهم والتزيين هو التحسين. والمعنى أن إبليس حسن للمشركين أعمالهم وحرضهم على قتال محمد، وخروجهم من مكة، وقوى نفوسهم، وقال لهم " لا غالب لكم اليوم من الناس ". تقول غلب يغلب غلبة، فهو غالب، وغالبه مغالبة وتغالبا تغالبا وغلبه تغليبا. والغلبة القهر للمنازع، والملك لامره.
وقوله " وإني جار لكم " حكاية عما قال إبليس للمشركين، فإنه قال لهم اني جار لكم، لأنهم خافوا بني كنانة لما كان بينهم، فأراد إبليس بأن يسكن خوفهم، والجار هو الدافع عن صاحبه السوء أجاره يجيره جوارا. ومنه قوله " وهو يجير ولا يجار عليه " (1) اي يعقد لمن أحب دفع الضرر عنه من كل أحد