انه أنث " ان قالوا " لما كان الفتنة في المعنى، كما قال " فله عشر أمثالها " (1) فأنث لما كانت الأمثال في المعنى الحسنات. ومثله كثير في الشعر، قال أبو علي والأول أجود من حيث كان الكلام محمولا على اللفظ. ويقوي قراءة من قرأ: (فتنتهم) بالنصب أن قوله (ان قالوا) أن يكون الاسم دون الخبر أولى لان (أن) إذا وصلت لم توصف، فأشبهت بامتناع وصفها المضمر، فكما أن المضمر إذا كان مع المظهر كان (أن يكون) الاسم أحسن، كذلك إذا كانت (أن) مع اسم غيرها كانت (أن يكون) الاسم أولى.
ومن قرأ (والله ربنا) - بكسر الباء - فعلى جعل الاسم المضاف وصفا للمفرد، لان قوله (والله) جربوا ولا قسم. ولو أسقطت لقال: (الله) بالنصب ومثله قولهم: رأيت زيدا صاحبنا وبكرا جارك، ويكون قوله " ما كنا مشركين " جواب القسم.
ومن نصب الباء يحتمل أمرين:
أحدهما - أن ينصبه بفعل مقدر، وتقديره: أعني ربنا.
والثاني - على النداء. ويكون قد فصل بالاسم المنادى بين القسم والمقسم عليه بالنداء، وذلك غير ممتنع، لان النداء كثير في الكلام. وقد حال الفصل بين الفعل ومفعوله في قوله: " انك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الا حياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك " (2). والمعنى آتيتهم أموالا ليضلوا ولا يؤمنوا وقد جاء الفصل بين الصلة والموصول، وهو أشدها قال الشاعر:
ذاك الذي وأبيك يعرف مالك * والحق يدفع ترهات الباطل (3) وقال أبو عبيدة: من قرأ بالتاء المعجمة من فوقها ونصب " فتنتهم " أضمر في (يكن) اسما مؤنثا ثم يجيئ بالتاء لذلك الاسم، وإنما جعله مؤنثا لتأنيث (فتنة) قال لبيد: