التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥١١
علينا صبرا وتوفنا مسلمين (125) آية بلا خلاف.
في هذه الآية إخبار عما قالت السحرة حين آمنوا وتوعدهم فرعون بأنواع العذاب بأنهم قالوا له: إنا راجعون إلى الله، وقالوا له أيضا: ليس تنقم منا إلا إيماننا بالله وتصديقنا بآياته التي جاءتنا. والنقمة الاخذ بالعقوبة:
نقم ينقم، ونقم ينقم، واللغة الأولى أفصح وانتقم انتقاما ونقمة، فالنقمة ضد النعمة.
والفرق بين النقمة والإساءة ان النقمة قد تكون بحق، جزاء على كفر النعمة، ولذلك يقال انتقم الله من فلان نقمة عاجلة، والإساءة لا تكون الا قبيحة، لأنه ليس لأحد أن يسئ في فعله، والمسئ مذموم على إساءته.
وقوله تعالى " ربنا أفرغ علينا صبرا " حكاية عن قول هؤلاء السحرة الذين آمنوا، وأنهم بعد أن قالوا لفرعون ما قالوه، سألوا الله تعالى أن يفرغ عليهم صبرا، ومعناه أن يفعل بهم من اللطف ما يصبرون معه على عذاب فرعون ويتشجعوا عليه، ولا يفزعوا منه.
والافراغ صب ما في الاناء أجمع، حتى يخلو، مشتقا من الفراغ، والفراغ نقيض الشغل، وقيل: أفرغ عليه الصبر تشبيها بافراغ الاناء، كما يقال صب عليه العذاب صبا، والصبر هو حبس النفس عن إظهار الجزع، صبر يصبر صبرا والصبر على الحق عز، كما أن الصبر على الباطل ذل.
والصبر في الجملة محمود، قال الله تعالى " واصبر على ما أصابك ان ذلك من عزم الأمور ".
وقوله تعالى " وتوفنا مسلمين " رغبة منهم إلى الله تعالى وسؤالهم إياه بأن يقبضهم إليه ويميتهم في حال السلامة.
قوله تعالى:
وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»
الفهرست