قوله تعالى:
قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين (66) آية بلا خلاف.
هذه الآية فيها إخبار عما قال هود (ع) لقومه مجيبا لهم حين قالوا له:
" إنا لنراك في سفاهة " وأنه قال " ليس بي سفاهة " وموضع (قوم) نصب، لأنه نداء مضاف فلو وصفته لما جاز في صفته الا النصب، وإنما حذفت بالإضافة، لان النداء أحق بالحذف الذي يكون في غيره لقوة اليقين فيه.
وقوله " ولكني رسول من رب العالمين " استدراك ب (لكن) لان فيه معنى ما دعاني إلى امركم السفه، ولكن دعاني إليه أني رسول من رب العالمين.
وقد بينا أن (من) ههنا بمعنى ابتداء الغاية، والتقدى المبتدئ بالرسالة رب العالمين والمنتهى إليه الرسالة لامته، لأنه ارسل إليهم.
قوله تعالى:
أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين (67) آية قد بينا معنى الابلاغ، وهو احضار الشئ غيره على وجه الانتهاء، ومنه قوله " ثم ابلغه مأمنه " (1) وقد يكون احضارا لنفس البيان للأفهام والابلاغ أشد اقتضاء للمنتهى إليه من الايصال، لأنه يقتضي بلوغ فهمه وعقله كالبلاغة التي تصل إلى سويداء قلبه. ولا يجوز بدل " رسالات ربي " نبوات ربي، لان النبوة تكليف القيام بالرسالة، فإنما يبلغ الرسالة ولا يبلغ التكليف.
وقوله " وأنا لكم ناصح أمين " معناه اني ناصح لكم فيما أدعوكم إليه من طاعة الله واخلاص عبادته. وقيل: ان معناه اني كنت فيكم أمينا قبل النبوة