التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤١
وليس في الآية ما يدل على سقوط انكار المنكر. وإنما يجوز الاقتصار على الاهتداء بأتباع أمر الله في حال التقية، هذا قول ابن مسعود، على أن الانسان إنما يكون مهتديا إذا اتبع أمر الله في نفسه وفي غيره بالانكار عليه. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (إذا رأوا الناس منكرا فلم يغيروه عمهم الله بالعقاب) وفي الآية دلالة على فساد مذهب المجبرة في تعذيب الأطفال، لأنه لو كان الامر على ما قالوه لم يأمن المؤمنون أن يؤخذوا بذنوب آبائهم، وقد بين الله تعالى أن الامر بخلافه مؤكدا لما في العقل.
وقوله " إلى الله مرجعكم جميعا " معناه إليه تعالى مالكم في الوقت الذي لا يملك أحد الضرر والنفع سواء بخلاف دار الدنيا التي مكن الله تعالى الخلق من الضرر والنفع فيها. وقوله " فينبئكم " معناه يخبركم بأعمالكم التي عملتموها في الدنيا من الطاعات والمعاصي، ويجازيكم بحسبها، وفي ذلك غاية الزجر والتهديد.
وقوله " لا يضركم " يحتمل أن يكون جزما لأنه جواب الامر، وحرك الراء لأنها ثقيلة وأولها ساكن، فلا يستقيم إسكان آخرها، فيلتقي ساكنان. قال الأخفش: والأجود أن يكون رفعا على الابتداء، لأنه ليس بعلة لقوله " عليكم أنفسكم " وإنما أخبر أنه لا يضرهم.
قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست