التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٩
وقوله " ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب " إخبار منه تعالى؟
هؤلاء الذين كفروا يكذبون على الله بادعائهم أن هذه الأشياء من فعل الله أو بأمره. وقوله " وأكثرهم لا يعقلون " خص الأكثر بأنهم لا يعقلون لأنهم أتباع، فهم لا يعقلون أن ذلك كذب وافتراء كما يفعله الرؤساء - في قول قتادة والشعبي - وقال أبو علي " أكثرهم لا يعقلون " ما أحل لهم وما حرم عليهم، يعني أن المعاند هو الأقل منهم.
قوله تعالى:، وإذا قيل لهم تعالوا إلي ما أنزل الله وإلي الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون (107) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى عن الكفار الذين أخبر عنهم أنهم لا يعقلون، والذين جعلوا البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، و " الذين يفترون على الله الكذب " من كفار قريش وغيرهم من العرب بأنه " إذا قيل لهم تعالوا " أي هلموا " إلى ما أنزل الله " من القرآن واتباع ما فيه، والاقرار بصحته " والى الرسول " وتصديقه، والاقتداء به وبأفعاله " قالوا " في الجواب عن ذلك " حسبنا " أي كفانا " ما وجدنا عليه آباءنا " يعني مذاهب آبائنا. ثم اخبر تعالى منكرا عليهم فقال " أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون " أي إنهم يتبعون آباءهم في ما كانوا عليه من الشرك وعبادة الأوثان وإن كان آباؤهم لا يعلمون شيئا من الدين ولا يهتدون إليه. وقيل في معنى (لا يهتدون قولان أحدهما - الذم بأنهم ضلال. والثاني - أنهم لا يهتدون إلى طريق العلم بمنزلة العمي عن الطريق.
وفي الآية دلالة على فساد التقليد، لان الله تعالى أنكر عليهم تقليد الاباء فدل
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست