التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٤
إما بتحويله، وإما باعدامه. ومعنى نزع الغل - ههنا - إبطاله.
وقيل في ما ينزع الغل من قلوبهم قولان:
أحدهما - قال أبو علي: بلطف الله لهم في التوبة حتى تذهب صفة العداوة.
الثاني - بخلوص المودة حتى يصير منافيا لغل الطباع.
والثاني أقوى، لان قوله " تجري من تحتهم الأنهار " حال لنزع الغل، وكأنه قال: ونزعنا ما في صدورهم من غل في حال تجري من تحتهم الأنهار وعلى الأولى يكون " تجري من تحتهم الأنهار " مستأنفا.
والغل: الحقد الذي ينقل بلطفه إلى صميم القلب، ومنه الغلول، وهو الوصول بالحيلة إلى دقيق الخيانة، ومنه الغل الذي يجمع اليدين والعنق بانغلاله فيها. والصدر: ما يصدر من جهته التدبير والرأي، ومنه قيل للرئيس: صدر، وقيل صدر المجلس.
وقوله " تجري من تحتهم الأنهار " فالجريان انحدار المائع، فالماء يجري، والدم يجري، وكذلك كل ما يصح أن يجري، فهو مائع، وجرى الفرس في عدوه مشبه بجري الماء في لينه وسرعته.
وقوله " تجري من تحتهم الأنهار " فالنهر المجرى الواسع من مجاري الماء، ومنه النهار لاتساع ضيائه، وانهار الدم لاتساع مخرجه.
وقوله " وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنتهدي لولا أن هدانا الله " إخبار عن قول أهل الجنة واعترافهم بالشكر لله تعالى الذي عرضهم له بتكليفه إياهم ما يستحقون به الثواب. وقيل: معنى " هدانا لهذا " يعني لنزع الغل من صدورنا. وقيل: هدنا لثبات الايمان في قلوبنا.
وقيل: هدنا لجواز الصراط.
وقوله " لقد جاءت رسل ربنا بالحق " إقرار من أهل الجنة واعتراف بأن ما جاءت به الرسل إليهم من جهة الله أنه حق لا شبهة فيه، ولا مرية
(٤٠٤)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست