التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٠
أخبر الله تعالى في هذه الآية " إن الذين كذبوا " بآيات الله وجحدوها، واستكبروا عنها بمعنى طلبوا التكبر والترفع عن الانقياد لها " لا تفتح لهم أبواب السماء " هوانا لهم واستخفافا، بهم فان فتحت فتحت عليهم بالعذاب. وقال ابن عباس والسدي: لأنها تفتح لروح المؤمن، ولا تفتح لروح الكافر، وفي رواية أخرى عن ابن عباس، ومجاهد، وإبراهيم: لا تفتح لدعائهم، ولا أعمالهم.
وقال أبو جعفر (ع) أما المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم إلى السماء، فتفتح لهم أبوابها. وأما الكافر، فيصعد بعمله وروحه حتى إذا بلغ السماء نادى مناد: اهبطوا بعمله إلى سجين، وهو واد بحضر موت يقال له: برهوت.
وقال الحسن لا تفتح لدعائهم. وقال ابن جريج: لا تفتح لأرواحهم ولا أعمالهم. وقال أبو علي: لا تفتح لهم أبواب السماء لدخول الجنة، لان الجنة في السماء.
ثم قال " ولا يدخلون الجنة " يعني هؤلاء المكذبين بآيات الله والمستكبرين عنها سواء كانوا معاندين في ذلك أو غير عالمين بذلك. وإنما تساويا في ذلك، لان من ليس بعالم قد أزيحت علته بإقامة الحجة، ونصب الأدلة على تصديق آيات الله، وترك الاستكبار عنها.
وقوله " حتى يلج الجمل في سم الخياط " إنما علق الجائز، وهو دخولهم الجنة بمحال، وهو دخول الجمل في سم الخياط، لأنه لا يكون، كما قال الشاعر:
إذ شاب الغراب أتيت أهلي * وصار القار كاللبن الحليب (1) والاخر أنه مضمر بما لا يمكن من قلب الدليل، والجمل هو البعير - ههنا - في قول عبد الله والحسن ومجاهد والسدي وعكرمة وأكثر المفسرين.
والسم الثقب. ومنه فيل: السم القاتل لاه ينفذ بلطفه في مسام البدن حتى

(1) تفسير الخازن 2 / 87.
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست