بمعنى المصدر، فلا بدلها من اسم وخبر، لأنها تلتغي بأن يكون دخولها كخروجها، وليس كذلك (ان)، ومن المفتوحة قول الأعشى:
في فتية كسيوف الهند قد علموا * ان هالك كل من يخفى وينتعل (2) وأما قراءتهم في النور " ان غضب الله " (3) فان (ان) في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ، واما قراءة نافع " ان غضب الله " فحسن، وهو بمنزلة قوله و " آخر دعواهم ان الحمد لله " (4) وليس لاحد ان يقول: هذا لا يستحسن لان المخففة من الشديدة لا يقع بعدها الفعل حتى يقع عوض من حذف (ان) ومن أنها تولى ما يليها من الفعل، يدل على ذلك " علم أن سيكون منكم " (5) وقوله " لئلا يعلم أهل الكتاب ان لا يقدرون على شئ " (6) وذلك انهم استجازوا ذلك وان لم يدخل معه شئ من هذه الحروف، لأنه دعاء، وليس شئ من هذه الحروف يحتمل الدخول معه، ونظير هذا في أنه لما كان دعاء لم يلزمه العوض قوله " نودي ان بورك من في النار ومن حولها " (7) فولي قوله " بورك " (ان) وان لم يدخل معها عوض، كما لم يدخل في قراءة نافع " ان غضب الله عليها " (8) والدعاء قد استجيز معه ما لم يستجز مع غيره ألا ترى انهم قالوا: (اما ان جزاك الله خيرا من) حمله سيبويه على اضمار القصة في (ان) المكسورة ولم يضمر القصة مع المكسورة الا في هذا الموضع.
وقوله " ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار " معناه وقال أصحاب الجنة يا أصحاب النار بعد دخول هؤلاء الجنة ودخول هؤلاء النار. والصاحب هو المقارن للشئ على نية طول المدة، والصحبة والمقارنة نظائر، الا ان في الصحبة الإرادة. ومنه قيل أصحاب الصحراء.