التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٨
وقوله " ان قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا " معناه وجدنا ما وعدنا الله على لسان رسله من الثواب على الايمان وعمل الطاعات " فهل وجدتم ما وعدكم ربكم " على ألسنتهم " حقا " جزاء على الكفر من العقاب وعلى معاصيه من أليم العذاب، فأجابهم أهل النار: بأن " قالوا نعم " والغرض بهذا النداء تبكيت الكفار وتوبيخهم، وان الله تعالى صدق فيما وعد به على لسان نبيه ليحزن الكفار بذلك ويتحسروا عليه.
والوجدان على ضربين: أحدهما بمعنى العلم فهو يتعدى إلى مفعولين.
والاخر بمعنى الاحساس يتعدى إلى واحد. وإنما كان كذلك، لان الذي بمعنى العلم يتعلق بمعنى الجملة، والذي يتعلق بالاحساس يتعلق بمعنى المفرد من حيث إن الاحساس لا يتعلق بالشئ الا من وجه واحد.
وجواب الايجاب يكون (نعم) وجواب النفي (بلى)، لان (نعم) تحقق معنى الخبر المذكورة في الاستفهام و (بلى) تحققه باسقاط حرف النفي.
وقوله " فأذن مؤذن بينهم " معناه نادى مناد نداء أسمع الفريقين " أن لعنة الله على الظالمين " ولعنة الله غضبه وسخطه وعقوبته على من كفر به فيسر بذلك أهل الجنة ويغتم أهل النار.
وقال الأخفش والزجاج: يجوز أن تكون (ان) بمعنى اي " قد وجدنا " ولا يجب أن تكون (أن) بمعنى أي (قد وجدنا). ونادوهم مشرفين عليهم من السماء في الجنة، لان الجنة في السماء، والنار في الأرض.
وقوله " وجدنا ما وعدنا ربنا حقا " إنما أضافوا الوعد بالجنة إلى نفوسهم، لان الكفار ما وعدهم الله بالجنة والثواب إلا بشرط أن يؤمنوا، فلما لم يؤمنوا فكأنهم لم يوعدوا، وكذلك قوله " ما وعد ربكم " يعنون من العقاب لان المؤمنين لما كانوا مطيعين مستحقين للثواب فكأنهم لم يوعدوا بالعقاب، وإنما خص الكفار.
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست