قوله تعالى:
أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون (48) آية بلا خلاف.
قيل في القائل لهذا القول الذي هو " أهؤلاء الذين أقسمتم " قولان:
أحدهما - قال الحسن وأبو مجلز والجبائي وأكثر المفسرين: انهم أصحاب الأعراف يقولون للكفار مشيرين إلى أهل الجنة " أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " وهذا يدل على أن الواقفين على الأعراف هم ذووا المنازل الرفيعة والمراتب السنية.
الثاني - انه من قول الله تعالى في أصحاب الأعراف.
وقوله " أهؤلاء " مبتدأ وخبره " الذين أقسمتم " ولا يجوز أن يكون (الذين) صفة لهؤلاء من وجهين: أحدهما - ان المبهم لا يوصف الا بالجنس.
والاخر - انه يبقى المبتدأ بلا خبر. ويجوز نصب (هؤلاء) بالفعل في " أهؤلاء الذين " أقسمتم " ولا يجوز مع " الذين أقسمتم " لان ما بعد الموصول لا يعمل فيما قبله، لأنه من تمام الاسم. والاقسام تأكيد الخبر تقول: والله وتالله، للقطع عليه أو ليدخل في قسم ما يقطع به العمل عليه.
وقوله " لا ينالهم الله برحمة " فالنيل هو لحوق البر. واصله اللحوق، تقول: نلت الحائط أناله نيلا إذا لحقته.
وقوله " ادخلوا الجنة " أمر بدخول الجنة للمؤمنين.
وقوله " لا خوف عليكم " فالخوف هو توقع المكروه، وضده الا من وهو الثقة بانتفاء المكروه و " لا أنتم تحزنون " معناه ادخلوا الجنة، لا خائفين ولا محزونين، وفائدة الآية تقريع الزارئين على ضعفاء المؤمنين حتى حلفوا أنهم لا خير لهم عند الله، فقيل لهم " ادخلوا الجنة " على أكمل سرور وأتم كرامة.