لأنهم ان قالوا لا، نقضوا مذهبهم، وإن قالوا: نعم، افتضحوا في قولهم وقال الزجاج: معنى " أتقولون على الله " أتكذبون عليه؟!
وفي الآية حجة على أصحاب المعارف، وأهل التقليد، لأنه ذم الفريقين، ولو كان الامر على ما يقولون لما توجه عليهما الذم!.
فإن قيل: إنما أنكر الله قولهم: إن الله أمرنا بها، ولا يدفع ذلك أن يكون مريدا لها، لان الامر منفصل من الإرادة.
قلنا: الامر لا يكون أمرا إلا بإرادة المأمور به، فما أراده فقد رغب فيه ودعا إليه فاشتركا في المعنى.
قوله تعالى:
قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين (28) كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون (29).
آيتان، تمام الأولى في الكوفي " تعودون " وفي البصري تمام الأولى " مخلصين له الدين " وتمام الأخرى عند الجميع " مهتدون ".
لما أخبر الله تعالى عن هؤلاء الكفار أنهم قالوا: إن الله أمرنا بما نفعله ونعتقده من الفواحش، ورد عليهم بقوله " إن الله لا يأمر بالفحشاء " أمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول " ان الله يأمر بالقسط " وهو العدل - في قول مجاهد والسدي وأكثر المفسرين - وأصله العدول، فإذا كان إلى جهة الحق، فهو عدل. ومنه قوله " إن الله يحب المقسطين " (1). وإذا كان إلى جهة الباطل،