الحديد فيه بأس شديد " (3) وقوله " ذلك " على هذا مبتدأ وخبره (خير)، ومن رفع قطع اللباس من الأول واستأنف، فجعله مبتدأ وجعل قوله " ذلك " صفة له أو بدلا أو عطف بيان. ومن قال " ذلك " لغو فقد أخطأ، لأنه يجوز أن يكون على أحد ما قلناه، و (خير) خبر ل (لباس) وتقديره لباس التقوى خير لكم إذا أخذتم به وأقرب لكم إلى الله مما خلق لكم من اللباس والرياش الذي يتجمل به، وأضيف اللباس إلى التقوى كما أضيف في قوله " فأذاقها الله لباس الجوع والخوف " (4) إلى (الجوع).
وهذه الآية خطاب من الله تعالى لأهل كل زمان من المكلفين على ما يصح ويجوز من وصول ذلك إليهم، كما يوصي الانسان لولده وولد ولده - وان نزلوا - بتقوى الله وايثار طاعته، ويجوز خطاب المعدوم بمعنى أن يراد بالخطاب إذا كان المعلوم أنه سيوجد وتتكامل فيه شروط التكليف، ولا يجوز أن يراد من لا يوجد لان ذلك عبث لا فائدة فيه.
واللباس كلما يصلح للبس من ثوب أو غيره من نحو الدرع، وما يغشى به البيت من نطع أو كسوة. واصله المصدر تقول: لبسه يلبسه لبسا ولباسا، ولبسا - بكسر اللام - قال الشاعر:
فلما كشفن اللبس عنه مسحنه * بأطراف طفل زان غيلا موشما (5) الغيل الساعد، ووصفها بلطف الكف. (والريش): ما فيه الجمال، ومنه ريش الطائر، وقيل أصله المصدر من راشه يريشه، وقد تريش فلان أي صار له ما يعيش به، قال الشاعر أنشده سيبويه:
وريشي منكم وهو اي معكم * وإن كنت زيارتكم لماما (6)