التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٨٤
فهو جور، ومنه قوله " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " (2). وأمرهم أن يقيموا وجوههم عندكل مسجد وقيل فيه وجوه:
أحدها - قال مجاهد والسدي وابن زيد: معناه توجهوا إلى قبلة كل مسجد في الصلاة على استقامة.
الثاني - قال الربيع: توجهوا بالاخلاص لله، لا للوثن ولا غيره. وقال الفراء: معناه إذا دخل عليك وقت الصلاة في مسجد فصل فيه، ولا تقل آتى مسجد قومي، وهو اختيار المغربي:
وقوله " وادعوه مخلصين له الدين " أمرهم بالدعاء والتضرع إليه تعالى على وجه الاخلاص. وأصل الاخلاص إخراج كل شائب من الخبث، ومنه إخلاص الدين لله (عز وجل) وهو توجيه العبادة إليه خالصا دون غيره.
وقوله " كما بدأكم تعودون " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد وابن زيد: كما خلقكم أو لا تعودون بعد الفتاء، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (يحشرون عراة حفاة عزلا، كما بدأنا أول خلق نعيده. وعدا علينا انا كنا فاعلين).
الثاني - قال ابن عباس وجابر في رواية أنهم يبعثون على ما ماتوا عليه:
المؤمن على إيمانه والكافر على كفره. وإنما ذكر هذا القول، لاحد أمرين:
أحدهما - قال الزجاج: على وجه الحجاج عليهم، لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث.
الثاني - على وجه الامر بالاقرار به، كأنه قيل وأقروا أنه كما بدأكم تعودون. والبدأ فعل الشئ أول مرة، والعود فعله ثاني مرة. قد يكون فعل أول خصلة منه بدأ، كبدء الصلاة، وبدء القراءة، بدأهم وأبداهم لغتان.
وقوله " فريقا هدى " فالفريق جماعة انفصلت من جماعة، وذكر (فريق) ههنا أحسن من ذكر (نفر وقوم أو نحوه) لما فيه من الاشعار بالمباينة ونصب

(2) سورة 72 الجن آية 15.
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست