الأكل والشرب، ونهى عن الاسراف، وهناك قوم يحرمون كثيرا من الأشياء من هذا الجنس، قال الله تعالى منكرا ذلك " من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ". وقيل في معنى الطيبات قولان: أحدهما - المستلذ من الرزق. الثاني - الحلال من الرزق، والأول أشبه بخلوصه يوم القيامة. وإنما ذكر الطيبات من جملة ذلك - في قول ابن زيد والسدي - لأنهم كانوا يحرمون البحائر والسوائب، وظاهر الآية يدل على أنه لا يجوز لاحد تجنب الزينة والملاذ الطيبة على وجه التحريم، وأما من اجتنبها على أن غيرها أفضل منها فلا مانع منه.
ثم أخبر تعالى فقال (هي) يعني الطيبات " للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة " وقيل في معنى " خالصة يوم القيمة " قولان:
أحدهما - قال ابن عباس والحسن والضحاك وابن جريج، وابن زيد:
هي خالصة للمؤمنين دون أعدائهم من المشركين.
وقال أبو علي: هي خالصة لهم من شائب مضرة تلحقهم.
وقال أبو علي الفارسي: لا يخلو قوله " في الحياة الدنيا " من أن يتعلق ب (حرم) أو ب (زينة) أو ب (أخرج) أو ب " الطيبات " أو ب " الرزق " من قوله " من الرزق " أو بقوله " آمنوا " ولا يجوز أن يتعلق ب (حرم) فيكون التقدير قل من حرم في الحياة الدنيا، ويكون المعنى قل من حرم في وقت الحياة الدنيا، ولا يجوز أن يتعلق ب (زينة) لأنه مصدر أو جار مجراه، ولما وصفها لم يجز أن يتعلق بها شئ بعد الوصف كما لا يتعلق به العطف عليه، ويجوز أن يتعلق ب (أخرج) لعباده في الحياة الدنيا.
فإن قيل: كيف يتعلق ب (أخرج) وفيه فصل بين الصلة والموصول بقوله " قل هي للذين آمنوا " وهو كلام مستأنف ليس في الصلة؟
قيل لا يمنع الفصل به، لأنه مما يسدد القصة، وقد قال " والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة " (1) فقوله " وترهقهم ذلة "