جاء الفصل في القول كما جاء في الحكم والقضاء في نحو قوله " انه لقول فصل " (3) وقال: " أحكمت آياته ثم " فصلت " (4) وقال " نفصل الآيات " (5) وقال " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفتري ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شى " (6) فذكر في القصص انه تفصيل. والحق في قوله " يقض الحق " يحتمل أمرين:
أحدهما - أن يكون صفة لمصدر محذوف وتقديره يقضي القضاء الحق أو يقص القصص الحق.
والثاني - أن يكون مفعولا به يعجل الحق كقول الهذلي:
وعليهما مسرودتان قضاهما * داود أن صنع السوابغ تبع (7) أي صنعهما داود.
وفي هذه الآية أمر من الله لنبيه ان يقول للكفار انه على بينة من ربه، أي على أمر بين من معرفة الله وصحة نبوته، لا متبع للهوى.
وقوله " وكذبتم به " الهاء راجعة إلى البيان، لان البينة والبيان واحد، وتقديره وكذبتم بالبيان الذي هو القرآن. وقال قوم: بينة من ربي من نبوتي " وكذبتم به " يعني بالله. وعلى الأول يكون تقديره كذبتم بما أتيتكم، لأنه هو البيان.
وقوله: " ما عندي ما تستعجلون به " (ما) بمعنى ليس. والذي استعجلوا به يحتمل أمرين:
أحدهما - العذاب، كما قال " ويستعجلونك بالعذاب " (8).
والثاني - أن يكونوا استعجلوا الآيات التي اقترحوها عليه فأعلمهم الله أن ذلك عند الله وأن الحكم له تعالى " يقض الحق وهو خير الفاصلين " وكتبت