التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٤٩
لبقي المبتدأ بلا خبر، ولا يجوز ذلك في الجزء الجازم، لان الشرط يبقى بلا جزاء على اثبات الفاء في قوله: (فان له) ويمتنع من أن يكون بدلا لأنه لا يكون بين المبدل والمبدل منه الفاء العاطفة ولا التي للجزاء، فان قيل: هي زائدة بقي الشرط بلا جزاء، فإذا بطل الا مران ثبت ما قدمناه.
واما من كسرهما فعلى مذهب الحكاية كأنه لما قال " كتب ربكم على نفسه الرحمة " قال: " انه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم " بالكسر، ودخلت الفاء جوابا للجزاء.
هذه الآية متصلة بالأولى: نهى الله تعالى نبيه (ع) في الأولى عن أن يطردهم. ثم امره في هذه الآية ان يقول لمن ورد عليه منهم أعني المؤمنين المصدقين بآيات الله وحججه وبراهينه عربيا كان أو أعجميا ضعيفا كان أو قويا - " سلام عليكم " فيبدأهم بالتحية، ويبشرهم بالرحمة ويقوي قلوبهم ويعرفهم أن من أذنب منهم ثم تاب، فتوبته مقبولة كل ذلك خلافا على الكافرين فيما أرادوه عليه من طردهم والغلظة عليهم.
وقال محمد بن يزيد: السلام في اللغة أربعة أشياء: أحدها - سلمت سلاما مصدر. وثانيها - السلام جمع سلامة. وثالثها - السلام من أسماء الله. ورابعها - السلام شجر.
ومعنى السلام الذي هو مصدر سلمت دعاء للانسان ان يسلم في دينه ونفسه، ومعناه التخلص. والسلام الذي هو اسم الله معناه ذو السلام أي الذي يملك السلام الذي هو تخليص من المكروه. والسلام الذي هو الشحر، فهو شجر عظيم سمي بذلك لسلامته من الآفات. والسلام حجار صلبة لسلامتها من الرخاوة ويسمى الصلح: السلام والسلم والسلم، لان معناه السلامة من الشر. والسلام دلولها مروة واحدة نحو دلو السقائين. والسلم السبب إلى لشئ. والسلم الذي يرتقى عليه لأنه يسلمك إلى حيث تريد وقوله " من عمل منكم سوءا بجهالة " ليس المراد أنهم يجهلون أنه سوء، لأنه لو أتى
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست