كتاب قبل أن يخلقه، كما قال " ما أصاب من مصيبة في الأرض، ولا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها " (1) ويكون الغرض بذلك اعلام الملائكة أنه علام الغيوب ليدل على أنه عالم بالأشياء قبل كونها. ويجوز أن يكون المراد بذلك أنه كتب جميع ما يكون ثم امتحن الملائكة بكتبه وتعبدهم باحصائه، كما تعبد سائر خلقه بما يشاء مما فيه صلاحهم. وقال البلخي: " في كتاب مبين " أي هو محفوظ غير منسي ولا مغفول كما يقول القائل لصاحبه: ما تصنعه عندي مسطر مكتوب. وإنما يريد بذلك أنه حافظ له يريد مكافأته عليه، قال الشاعر:
ان لسلمى عندنا ديوانا ويجوز أن يكون المراد بذكر الورقة والحبة والرطب والياس التوكيد في الزجر عن المعاصي والحث على البر والتخويف لخلقه بأنه إذا كانت هذه الأشياء التي لا ثواب فيها ولا عقاب عليها محصاة عنده محفوظة مكتوبة، فأعمالكم التي فيها الثواب والعقاب أولى، وهو قول الحسن. وقال مجاهد: البر القفار والبحار كل قرية فيها ماء. وعن أبي عبد الله: الورقة السقط والحبة الولد.
وظلمات الأرض الأرحام والرطب ما يبقى ويحيا واليابس ما تغيض.
قوله تعالى:
وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون (60) آية بلا خلاف.
قوله: " وهو " كناية عن الله تعالى. و " الذي " صفة له " يتوفاكم بالليل " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال الجبائي: يقبضكم، وقال الزجاج: ينيمكم بالليل فيقبضكم