فينتقم الله منه " (1) على إرادة المبتدأ بعد الفاء وحذفه.
ومن فتح (أن) في قوله " انه " فإنه جعل (ان) الأولى بدلا من الرحمة كأنه قال كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم. واما فتحها بعد الفاء فإنه غفور رحيم، فعلى انه أضمر له خبرا تقديره، فله انه غفور رحيم أي فله غفرانه. أو اضمر مبتدأ تكون (أن) خبره، كأنه قال فأمره انه غفور رحيم واما قراءة نافع: بفتح الأولى وكسر الثانية فالقول فيهما انه أبدل من الرحمة واستأنف ما بعد الفاء. قال سيبويه: بلغنا ان الأعرج قرأ " انه من عمل... فإنه غفور رحيم ". ونظيره قول ابن مقبل:
واني إذا ملت ركابي مناخها * فاني على حظي من الامر جامح يريد ان قوله: (واني إذا ملت ركابي) محمول على ما قبله كما أن قوله " انه من عمل " محمول على ما قبله. وقوله: فاني على حظي مستأنف مثل قوله " فإنه غفور رحيم " مستأنف به منقطع عما قبله.
قال الفراء: واختاره الزجاج ويجوز ان يحمل (فإنه) على التكرار، قال: لان الكتاب يحتاج إلى (ان) مرة واحدة ولكن الخبر هو موضعها فلما دخلت في ابتداء الكلام أعيدت إلى موضعها، كما قال: " أيعدكم انكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما انكم مخرجون " (2) فلما كان موضع (ان) أيعدكم انكم مخرجون إذا متم دخلت في أول الكلام وآخره. ومثله " كتب عليه انه من تولاه فإنه يضله " (3) ومثله " ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فان له " (4) قال ولك ان تكسر (ان) بعد الفاء في هذه الأحرف. قال أبو علي هذا غير صحيح، لان (من) لا يخلو من أن تكون للجزاء الجازم الذي بني اللفظ عليه أو تكون موصولة، ولا يجوز ان يقدر التكرير مع الموصولة فلو كانت موصولة