كلهم قرأ " توفته رسلنا " بالتاء الا حمزة فإنه قرأ " توفاه ". وحجة من قرأ بالتاء قوله " كذبت رسل من قبلك " (1) وقوله " إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم " (2) و " جاءتهم رسلهم بالبينات (3) و " قالت رسلهم " (4) وحجة حمزة انه فعل متقدم مسند إلى مؤنث غير حقيقي. وإنما التأنيث للجمع، فهو مثل قوله " وقال نسوة في المدينة " (5) وما أشبه ذلك مما يأتيه تأنيث الجمع، قال وليس ذلك خلافا للمصحف، لان الألف الممالة تكتب ياء.
وقوله " وهو القاهر " معناه والله المتقدر المستعلي على عباده الذين هو فوقهم لا على أنه في مكان مرتفع فوقهم وفوق مكانهم، لان ذلك لا يجوز عليه، لأنه صفة للأجسام. ومثله في اللغة أمر فلان فوق أمر فلان، يراد به أنه أعلى امرا، وانفذ قولا. ومثله قوله تعالى " يد الله فوق أيديهم " (6) والمراد أنه أقوى واقدر منهم وانه القاهر لهم.
وقوله: " ويرسل عليكم حفظة " يعني يرسل عليكم ملائكة يحفظون أعمالكم ويحصونها عليكم ويكتبونها ليعلموا بذلك أن عليهم رقيبا من عند الله ومحصيا عليهم فينزجروا من عن المعاصي. وبين ان هؤلاء الحفظة هم شهداء عليكم بهذه الاعمال يوم القيامة.
وقوله " حتى إذا جاء أحدكم الموت " يعني وقت الموت " توفته رسلنا " يعني قبضت الملائكة روح المتوفى، وهم رسل الله الذين عنا هم الله بهذه الآية.
وقال الحسن: " توفته رسلنا " قال هو ملك الموت وأعوانه وأنهم لا يعلمون آجال العباد حتى يأتيهم علم ذلك من قبل الله بقبض أرواح العباد. وقوله: