دفع الارتياب عن حديث الباب - علي بن محمد العلوي - الصفحة ٨٣
ولا يكون الحكم بالوضع في محله إلا بعد وجود القرائن الكافية بأن الحديث مختلق، فعندئذ يجوز الحكم عليه بالوضع، وهو حكم ظني، كما أن الحكم بالتصحيح حكم ظني، فمن هو كمن ذكرنا لم يتابع على حديثه فيما حقه أن يتابع فيه كان هو ذلك السبب في اتهامه بالحديث، فقد يصرح الحافظ بالاتهام وقد لا يصرح بالاتهام، بل يقول روى مالا يتابع عليه، وهي أليق وأخف من الاتهام.
وقد قال الدارقطني فيمن قيل فيه ذلك أنه يعتبر به (4) والحق في كل هو التوقف عن الحكم بالوضع، حتى يحصل التحقق بالبحث والاستقصاء والاستقراء، للتحقق من تفرده مع كونه مما يخالف القواعد المعلومة، وحينئذ يحكم بوضعه.
ففي سورة الحجرات أمر الله بالتثبت في خبر الفاسق مع كونه ممن يرتاب في خبره، كما أن خبره فيه إهدار لدماء وأموال معصومة، ومع ذلك لم يأمر برفض خبره بالكلية وإنما أمر بالبحث والنظر والتحقق، فإن وجدت على صدقه قرائن تثبت صدقه قبل خبره بمعونة القرائن، وإن لم توجد قرائن على صدقه لم يقبل خبره لعدم وجود ما يثبت صدقه.
وهذا يؤيد ما قالوه في علوم الحديث مما ذكرناه عن الأئمة من أنه لا يجوز الحكم بالوضع إلا بعد البحث والاستقصاء والتحقق من تفرد الوضاع، إلى آخر ما ذكرناه سابقا.
وقد انزلق أبو الفرج ابن الجوزي بذكر حديث الباب في موضوعاته اغترارا بمن تكلم في أبي الصلت في حديث ابن عباس، وبمن تكلم في الرومي في حديث

(4) انظر ترجمة سوار بن داود من ميزان الذهبي.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 » »»