دفع الارتياب عن حديث الباب - علي بن محمد العلوي - الصفحة ٦٢
يوجب العلم، وقد أجمع أهل العلم على أن من حفظ حجة على من لم يحفظ.
وزيادة على ذلك، إن من قواعد هذا الفن أن الحفاظ المتأخرين يلزمهم أن يرجحوا من عنده الدليل من المختلفين قبلهم، وهم هنا ابن معين وابن نمير والحاكم. وإن من القواعد أن تفرد الثقة الثبت مقبول، وقد اعتمد هؤلاء على تفرد أبي معاوية، فلو أن الحاكم اقتصر على توثيق أبي الصلت، ونقل عن ابن معين توثيقه فقط من غير أن ينقل عن ابن معين متابعة الفيدي وتوثيقه، لكان لكلامه وجه في أخذ الوسط، ولكنه لم يقتصر، بل نقل المتابعة واعتماد ابن معين عليها واعتمدها لذلك، فلا يتم الاخذ بالوسط.
لهذا قلنا: إن كلام الحافظ رحمه الله غير واف وإنه تقصير منه غير مقصود. لقد سبق إلى ذهنه بدون رواية الوسط فقاله، ولم يسق فيه أي استدلال، ونعتقد أنه لو أمعن النظر لما تساهل بأخذ الوسط ولحرر الكلام على طريقته المعروفة كما تعودنا منه ذلك.
قد يقال: إن أبا عبد الله الحاكم معروف بالتساهل في التصحيح، وإن أبا الفرج ابن الجوزي أيضا معروف بالتساهل في الحكم بالوضع، فالمفروض فيما كان كذلك أن لا نحكم بقول واحد منهما بل نحكم بالوسط من قولهما، وهو تحسين الحديث، لئلا نهدر شيئا من قولهما كحافظين.
قلت: جمع إجمالي وليس استدلالي، ولا يشفي من يطلب الحق من قول كل واحد منهما، والقول بأن لا نحكم بقول واحد منهما صحيح، ولكن الأحق من ذلك أن نبحث الموضوع كله، وأن نمحص الروايات كلها، وما قيل فيها من كلام الحفاظ المختلفين، وما حفظ فيه من غيرهم، وأن نحكم في الموضوع بما
(٦٢)
مفاتيح البحث: الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»