ومن المعلوم أن الشعبي حضر من حياة الإمام علي ثلاثة وعشرين عاما، وهو من أهل الكوفة ومن شيعة علي، وثبت لقاؤه وروايته له في صحيح البخاري في رجم علي لشراحة الهمدانية. وقد اعتمد على روايته عن علي الإمام أحمد وابن حزم وغيرهما.
وغير معقول أنه في عهد علي هذه المدة ولم يسمع منه إلا حديث شراحة الذي قاله الدارقطني، فهذا القول لا يقبل إلا إذا دلل عليه برواية عن الشعبي نفسه، أو عن أهل عصره أنه لم يسمع منه غير ذلك. وقد ذكرنا في المسلك المبسوط من أقوال علماء الحديث التي تعتمد في مثل هذه الأحوال، ما يوافق قولنا.
ولهذا، فهذه الرواية عن الشعبي تحمل على الاتصال عن علي لاعلى الارسال على الأرجح. وعلى الفرض البعيد تكون مرسلة ويكون قد أخذها عمن سمعها من ثقات أصحاب علي، لأنه كان شديدا في الرواية. وهو من جامعي علم علي، كسعيد بن المسيب في علم عمر، وإبراهيم في علم ابن مسعود.
ومراسيل الشعبي صحاح عند العلماء، لم يجدوا من مرسلاته غير صحيح، وبذلك تكون روايته هذا الحديث شاهدا قويا لحديث الصنابحي عن علي.
قال الحافظ العلامة بن تيمية في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول صفحة 60، بعد ذكر حديث رواه الشعبي عن علي في سنن أبي داود: إنه من جملة ما استدل به الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله. ثم قال: هذا الحديث جيد فإن الشعبي رأى عليا وروى عنه حديث شريحة الهمدانية، وكان على عهد علي