فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٧٤
8416 - (من استعملناه منكم) خطاب للمسلمين وخرج به الكافر فاستعماله على شئ من أموال بيت المال ممنوع (على عمل فكتمنا) بفتح الميم أخفى عنا (مخيطا) بكسر الميم وسكون الخاء إبرة ونصبه على أنه بدل من ضمير المتكلم بدل اشتمال أي كتم مخيطا (فما فوقه) عطفا على مخيطا أي شيئا يكون فوق الأبرة في الصغر (كان) الضمير عائد إلى مصدر كتمنا (ذلك غلولا) أي خيانة ففيه تشبيه ذلك الكتم بالغلول من الغنيمة في فعله أو وباله يوم القيامة (يأتي به) أي بما غل (يوم القيامة) (1) تفضيحا [ص 57] وتعذيبا له وهذا مسوق لتحريض العمال على الأمانة وتحذيرهم من الخيانة ولو في تافه وللحديث تتمة وهي فقام رجل إليه أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال:
يا رسول الله أقبل مني عملك قال: وما لك قال: سمعتك تقول كذا وكذا قال: وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه اه‍. كذا في مسلم. - (م د) في الخراج (عن) أبي ذرارة عن عدي (بن عميرة) بفتح العين المهملة فكسر الميم وآخره هاء ابن فروة الكندي صحابي مات في خلافة معاوية وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن أصحابه والأمر بخلافه بل خرجه بعينه البخاري عن أبي حميد الساعدي ولعل المصنف غفل لكون البخاري إنما ذكره في ذيل خطبة أولها أما بعد.
4817 - (من استغفر الله دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم) بالنصب صفة أو مدح لله وبالرفع بدل من الضمير أو خبر مبتدأ محذوف على المدح (وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف) حيث لا يجوز الفرار لكون عددنا لا يبلغ عدد نصف الكفار قال الطيبي: في تخصيص ذكر الفرار من الزحف إدماج معنى أن نصف هذا الذنب من أعظم الكبائر لأن السياق وارد في الاستغفار وعبارة في المبالغة عن حط الذنوب عنه فيلزم بإشارته أن هذا الذنب أعظم الذنوب. - (ع وابن السني) أبو بكر أحمد بن محمد (عن البراء).

(1) أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول وأنه من الكبائر وأن عليه رد ما غله فإن تفرق الجيش وتعذر إيصال حق كل واحد إليه ففيه خلاف للعلماء قال الشافعي وطائفة: يجب تسليمه للإمام أو الحاكم كسائر الأموال الضائعة. وقال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية والحسن الزهري والأوزاعي ومالك الثوري والليث وأحمد والجمهور: يدفع خمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقي، واختلفوا في صفة عقوبة الغال فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار: يعزر على حسب ما يراه الإمام ولا تحرق ثيابه وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست