فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٧٩
8430 - (من استودع وديعة) فتلفت (فلا ضمان عليه) حيث لم يفرط لأنه محسن و * (ما على المحسنين من سبيل) [التوبة: 91] - (ه هق عن ابن عمرو) بن العاص ثم قال أعني البيهقي: حديث ضعيف وجزم بضعفه أفي المهذب وقال ابن حجر: فيه المثنى بن الصباح وهو متروك.
8431 - (من أسدى إلى قوم نعمة) قال في الفردوس: المسدي المعروف يقال أسدى إليه معروفا إذا أصابه بخير وفي جامع الأصول أسدى وأولى بمعنى المعروف صفة لمحذوف أي شيئا معروفا والمراد به الجميل والبر والإحسان قولا وعملا (فلم يشكروها له فدعا عليهم استجيب له) لأنهم كفروا بالنعمة واستخفوا بحقها لعدم شكرهم له، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والمسدي وإن كان واسطة لكنه طريق وصول نعمة الله إليهم، والطريق حق من حيث [ص 61] جعله واسطة ذلك لا ينافي رؤية النعم من الله وإنما المنكر أن يرى الواسطة أصلا ومن تمام الشكر ستر عيب العطاء وعدم الاحتقار. - (الشيرازي) في الألقاب (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الحاكم والديلمي بأبسط من هذا ولفظه من أسدى إلى قوم نعمة فلم يقبلوها بالشكر فدعا عليهم استجيب له فيهم.
8432 - (من أسف على دنيا فاتته) أي حزن على فواتها وتحسر على فقدها قال الطيبي: ولا يجوز حمله على الغضب لأنه لا يجوز أن يقال غضب على ما فات بل على من فوت عليه اه‍ وأشار بذلك إلى ما قال الراغب: الأسف الحزن والغضب معا، وقد يقال الكل منهما على انفراده، وحقيقته ثوران دم القلب شهوة للانتقام، فمن كان على من دونه انتشر فصار غضبا أو فوقه انقبض فصار حزنا (اقترب من النار مسيرة ألف سنة) يعني قربا كثيرا جدا (ومن أسف على آخرة فاتته) أي على شئ من أعمال الآخرة المقربة من الجنة ورضوان الله ورحمته (اقترب من الجنة مسيرة ألف سنة) أي شيئا كثيرا جدا، ومقصود الحديث الحث على القناعة والترغيب في فضلها وإيثار ما يبقى على ما يفنى، قال ابن أدهم: قد حجبت قلوبنا بثلاثة أغطية فلن ينكشف للعبد اليقين حتى يرفع الفرح بالوجود والحزن على المفقود والسرور بالمدح، فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط والساخط معذب وإذا سررت بالمدح فأنت معجب والعجب يحيط العمل قال الراغب: الحزن على ما فات لا يلم ما تشعث ولا يبرم ما تنكث، كما قيل:
" وهل جزع مجد علي فأجزعا "، فأما غمه على المستقبل فإما أن يكون في شئ ممتنع كونه أو واجب كونه أو ممكن كونه فإن كان على ما هو ممتنع كونه فليس من شأن العاقل، وكذا إن كان من قبيل الواجب كونه كالموت فإن كان ممكنا
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست