العالم والعلم وشرفه فهل هذا الفضل للعلماء والعلم من حيث هو أو للبعض من العلوم دون بعض أو لكلها كيف كانت؟ قلنا أما العلم من حيث هو ففيه شرف وتزكية للنفس وهو خير من الجهل إلا ما كان علما شيطانيا يهدي إلى الشر ويوقع فيه كالسحر وما ليس كذلك فمنه مباح ومنه مندوب ومنه واجب وحقيقة القول الكلي الذي يجمع معاني الشرف وتعتبر به المراتب أن شرف العلوم بشرف المعلوم فكلما كان المعلوم أشرف كان العلم أشرف فالعلم المتعلق بالله ومعرفة توحيده وعظمته وجلال صفاته أشرف العلوم لأن معلومه أشرف المعلومات وبهذا تعتبر بقية العلوم ويمتاز بعضها على بعض وشرف العالم بشرف علمه فالعالم بالأشرف أشرف مرتبة من العالم بما دونه ولا شرف أشرف من العلم بالله وإدراك الحقائق والمعارف الإلهية وحقائق التوحيد وعلوم المكاشفة والاشتغال بذلك والتوصل إليه والسعي في حصوله من أشرف المقاصد وأعلى المطالب وكذا العلم بأمره ونهيه وفهم كتابه وأسرار كلامه اه. (طب) وكذا الديلمي (عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وليس ذا منه بحسن فقد أعله الهيثمي بأن فيه معاوية بن يحيى الصدفي قال ابن معين: هالك ليس بشئ.
5657 - (العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شئ) فكان عند أهل الدنيا والآخرة في الذروة العليا والرتبة الكبرى (وإذا أراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شئ) فسقط من مرتبته وهان على أهل الدنيا في الآخرة عند الله * (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) * قال ابن الزملكاني:
قال بعض مشايخنا كأن هذه الآية فينا نزلت وقد طم البلاء وعم بسبب طمع العلماء في الحطام وصار المؤمن القابض على دينه معهم كالقابض على الجمر لأنهم قد تمكنوا من صدور الخلق لغلبة الجهل عليهم فهم المقتدى بهم والمنظور إليهم فهم عند الخلق علماء وفي الملكوت جهال فمن تمسك بالسنة بين ظهراني هؤلاء بعد تمكنهم من الرياسة ونفاذ القول في الخلق فقد بارزهم بالمحاربة لأن في تمسكه بها هتكا لسترهم عند العامة وكشفا لعوارهم ونشرا لفضائحهم فالمتمسك بالحق يرصدونه بالعداوة ويرمونه عن قوس واحدة ويقذفونه بالعظائم ومع ذلك حرمة الإيمان معهم فالأولى أن لا يعذبهم بل يرحمهم (فائدة) اعتذر ابن عربي عن تسمية الصوفية العالم عارفا ولم يسموه عالما مع أنه أولى لاستعماله في النصوص بأن الغيرة غلبت عليهم لما رأوا اسم العالم يطلق عرفا على كل من حصل عنده علم كيفما كان ويكون قد أكب على الشهوات وتورط في الشبهات بل وفي المحرمات فأدركتهم الغيرة أن يشاركهم البطال في اسم واحد وقد شاع ذلك وذاع ففرقوا بين المقامين بأن خصوا اسم المعرفة بهذا المقام العلي والمعنى واحد في العلم والمعرفة. (فر عن أنس) وفيه الحسن بن عمرو القيسي قال الذهبي: مجهول.