فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٧
التشديد في العبادة والناس في العبادة على طبقات أعلاها وأفضلها طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه كان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته مصليا ولا نائما إلا رأيته نائما وأصل الملال استثقال الشئ ونفور النفس عنه بعد محبته وهو محال عليه تعالى فأول بما مر وهذا الحديث رواه مسلم بأتم من هذا ولفظه يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دوم عليه وإن قل وإن كان آل محمد إذا عملوا عملا أثبتوه ورواه البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال: من هذه قالت: فلانة تذكر من صلاتها قال: مه عليكم من الأعمال بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا قال البيضاوي: الملل فتور يعرض للنفس من كثرة مزاولة شئ فيورث الكلال في الفعل والإعراض عنه وأمثال ذلك إنما يصدق في حق من يعتريه التغير والانكسار أما من تنزه عنه فيستحيل تصوره في حقه فإذا أسند إليه أول بما هو منتهاه وغاية معناه كإسناد الرحمة والغضب والحياء والضحك إليه تعالى فالمعنى اعملوا حسب وسعكم وطاقتكم فإنه لا يعرض عنكم إعراض الملول ولا ينقص ثواب أعمالكم ما بقي لكم نشاط فإذا فترتم فاقعدوا فإنكم إذا مللتم من العبادة وأتيتم بها على كلال وفتور كان معاملة الله معكم معاملة الملول عنكم وقال التوربشتي: إسناد الملال إلى الله على طريق الازدواج والمشاكلة والعرب تذكر أحد اللفظين موافقة للأخرى وإن خالفتها قال تعالى * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * وقال الشاعر:
ألا لا يجهل أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلين ولا يفتخر ذو عقل بجهل وإنما أراد فنجازيه بجهله ونعاقبه على سوء صنيعه. (طب عن عمران بن حصين) قال الهيثمي: إسناده حسن.
5586 - (عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء) جمع هوى مقصور هوى النفس يعني أهلكتهم بميل نفوسهم إلى الأمور المذمومة (وهم) مع ذلك (يحسبون أنهم مهتدون - ع عن أبي بكر) الصديق قال الهيثمي: فيه عثمان بن مطر وهو ضعيف.
5587 - (عليكن) أيتها النسوة (بالتسبيح) أي بقول سبحان الله (والتهليل) أي التوحيد (والتقديس) أي قول سبوح قدوس رب الملائكة والروح قالوا: والفرق بين التسبيح والتقديس أن التسبيح للأسماء والتقديس للآلاء وكلاهما يؤدي إلى العظمة (واعقدن بالأنامل) أي اعددن عدد مرات التسبيح بها وهذا ظاهر في عقد كل أصبع على حدته لا ما يعتاده كثير من العد بعقد الأصابع
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»
الفهرست