نفسي براض فأتفرغ منها إلى ذم غيرها إن العباد خافوا الله على ذنوب غيرهم وأمنوه على ذنوب أنفسهم. وقال بعضهم: تقيدت ببيت سمعته:
لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها * لنفسي قي نفسي عن الناس شاغل وقال حكيم: لا أحسب أحدا لا يتفرغ لعيب الناس إلا عن غفلة غفلها عن نفسه ولو اهتم لعيب نفسه ما تفرغ لعيب أحد ونقل شيخنا العارف الشعراني عن شيخه البرهان القلقشندي: أن من علامة بعد العبد عن حضرة ربه نسيان عيوبه ونقائصه فقلت: كيف قال: لأن حضرة الحق نور وشأن النور أن يكشف عن الأشياء بخلاف الظلام قال: ومن هنا عرف الأولياء كون الحق تعالى يحبهم أو يبغضهم أو راض أو غضبان حتى قال الكرخي: لي منذ ثلاثين سنة وأنا أرى الحق ينظر إلي نظر الغضب، وكان الديري يرى الفضل لله الذي لم يخسف به الأرض ولم يمسخ صورته وقال أخي أفضل الدين لو كشف للإنسان لرأى ذاته كلها عيوبا ضم بعضها إلى بعض فصارت صورة أذى (وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله) فإنه بذلك يسلم من آفات اللسان التي هي عين الخسران ومن ثم قيل:
يا كثير الفضول قصر قليلا * قد فرشت الفضول عرضا وطولا قد أخذت من القبيح بحظ * فاسكت الآن إن أردت جميلا قال الغزالي: انظر إلى الناس كيف قلبوا الأمر: أمسكوا فضل المال وأطلقوا فضل اللسان (ووسعته السنة فلم يعد) بالدال (عنها إلى البدعة) وهو الرأي الذي لا أصل له من كتاب ولا سنة كما سلف. (فر عن أنس) قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: طوبى إلخ ورواه العسكري عنه أيضا وعده من الحكم والأمثال ورواه أيضا أبو نعيم من حديث الحسين بن علي والبزار من حديث أنس أوله وآخره والطبراني والبيهقي وسطه الحديث قال الحافظ العراقي وكلها ضعيفة.
5307 - (طوبى لمن طال عمره وحسن عمله) قاله جوابا لمن سأل: أي الناس خير؟ وطوبى كلمة إنشاء لأنها دعاء معناها أصاب الخير من طال عمره وحسن عمله وكان الظاهر أن يجاب بقوله من طال فالجواب من الأسلوب الحكيم أي غير خاف أن خير الناس من طال عمره وحسن عمله (تنبيه) قال علي: موت الإنسان بعد أن كبر وعرف ربه خير من موته طفلا بلا حساب في الآخرة ذكره الطيبي وقال القاضي: لما كان السؤال عما هو غيب لا يعلمه إلا الله عدل عن الجواب إلى كلام مبتدأ ليشعر بأمارات تدل عن المسؤول عنه وهو طول العمر مع حسن العمل فإنه يدل على سعادة الدارين والفوز بالحسنيين. (طب حل عن عبد الله بن يسر) رمز المصنف لحسنه قال الحافظ العراقي:
فيه بقية رواه بصيغة عدل وهو مدلس.