فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٠
5304 - (طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن رأى من رآني، ولمن رأى من رأى من رآني وآمن بي: طوبى لهم وحسن مآب) قال بعض الصوفية: الله سبحانه وتعالى يحب من أحب أحبابه، وهم يحبون من أحب أحبابهم ووفى لهم عهد المحبة ألم تسمع قول العارف على وفا؟
يا أمة الرحمن قوموا واسمعوا * لبشارتي بمسامع الإيمان من حبني أو حب من قد حبني * حقا وصدقا فهو من أعياني وفوا له عهد المحبة واحفظوا * فيه حقوق ظهوري الروحاني ولباب حاني من أتى متطفلا * فعلي أن أرضيه في رضواني فارعوا حماه وبشروه بأنه * علقت يداه بمنة وأمان (طب ك) في المناقب (عن عبد الله بن يسر) قال الذهبي: فيه جميع بن ثوب واه، وقال الهيثمي:
فيه عند الطبراني بقية وقد صرح بالسماع فزالت الدلسة وبقية رجاله ثقات.
5305 - (طوبى لمن رآني) أي وأثرت فيه بركة نظري إليه ورؤيته لي (ولمن رأى من رآني، ولمن رأى من رأى من رآني) والعارفون يرونه في عالم الحس يقظة حتى قال الشيخ أبو العباس المرسي: لو احتجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من الفقراء، وفي رواية من المسلمين، وكان بعضهم يعيد كل صلاة غفل فيها عن شهوده ولو سهوا ويقول: من توارى عنه شهوده في صلاته ولم يصافحه فيها فهي خداج لأنه الذي يمد جميع العمال بشريعته في مراتب الكمال، وهذا المقام وإن عسر على الناس ولا يقول به كثير فكل ميسر لما خلق له فمن أهله الله لمقام صعب المرتقى فهو عنده من أسهل الأمور. (عبد بن حميد عن أبي سعيد) الخدري (ابن عساكر) في تاريخه (عن وائلة) بن الأسقع.
5306 - (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) فلم يشتغل بها فعلى العاقل أن يتدبر في عيوب نفسه فإن وجد بها عيبا اشتغل بعيب نفسه فيستحي من أن يترك نفسه ويذم غيره بل يعلم أن عجز غيره عن نفسه في التنزه عن ذلك العيب كعجزه إن كان ذلك عيبا يتعلق بعقله واختياره فإن كان خلقيا فالذم له ذم للخالق فإن من ذم صفة فقد ذم صانعها. قال رجل لبعض الحكماء: يا قبيح الوجه فقال:
ما كان خلق وجهي إلي فأحسنه، وإذا لم يجد بنفسه عيب فليعلم أن ظنه بنفسه أنه عرى من كل عيب جهل بنفسه وهو من أعظم العيوب. قال البيهقي: ذكر رجل عند الربيع بن خيثم فقال: ما أنا عن
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست