فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥٩
أحق بهذين الاسمين من غيره (والمقفى) بشدة الفاء وكسرها لأنه جاء عقب الأنبياء وفي قفاهم أو المتبع آثار من سبقه من الرسل (والحاشر) أي أحشر أول الناس (ونبي التوبة) أي الذي بعث بقبول التوبة بالنية والقول وكانت توبة من قبله بقتلهم أنفسهم أو الذي تكثر التوبة في أمته وتعم أو أن أمته لما كانت أكثر الأمم كانت توبتهم أكثر من توبة غيرهم أو المراد أن توبة أمته أبلغ حتى يكون التائب منهم كمن لا ذنب له ولا يؤاخذ في الدنيا ولا في الآخرة وغيره يؤاخذ في الدنيا. قال القرطبي: والمحوج إلى هذه الأوجه أن كل نبي جاء بتوبة أمته فيصدق أنه نبي التوبة فلا بد من مزية لنبينا صلى الله عليه وعليهم وسلم (ونبي الرحمة) بميم أوله بخط المصنف أي الترفق والتحنن على المؤمنين والشفقة على عباد الله المسلمين فقد مر أن الرحمة ومثلها المرحمة إذ هما بمعنى واحد كما قاله القرطبي إفاضة النعم على المحتاجين والشفقة عليهم واللطف بهم وقد أعطي هو وأمته منها ما لم يعطه أحد من العالمين ويكفي * (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (حم م عن أبي موسى) الأشعري (زاد طب ونبي الملحمة) أي نبي الحرب وسمي به لحرصه على الجهاد ووجه كونه نبي الرحمة ونبي الحرب إن الله بعثه لهداية الخلق إلى الحق وأيده بمعجزات فمن أبى عذب بالقتال والاستئصال فهو نبي الملحمة التي بسببها عمت الرحمة وثبتت المرحمة وظاهر تخصيص المصنف الطبراني بهذه الزيادة أنها لا تعرف لأعلا منه والأمر بخلافه فقد خرجه أحمد عن حذيفة بلفظ ونبي الملاحم قال الزين العراقي: وإسناده صحيح.
2702 (أنا محمد وأحمد) سبق أن هذا مما ورد فيه الجملة الخبرية لأمور غير فائدة الخبر ولازمه والقصد إظهار شرفه باختصاصه بهذا الاسم (أنا رسول الرحمة أنا رسول الملحمة) خص نفسه من بين الأنبياء بأنه نبي القتال مع مشاركة غيره منهم له فيه إشارة إلى أن غيره منهم لا يبلغ مبلغه فيه (أنا المقفى والحاشر بعثت بالجهاد ولم أبعث بالزراع) سره أنه لما كان الجهاد ذروة سنام الإسلام ومنازل أهله أعلى المنازل في الجنة كما لهم الرفعة في الدنيا فهم الأعلون في الدارين كان في الذروة العليا منه فاستولى على أنواعه كلها فجاهد في الله بالجنان والبنان والسيف والسنان (ابن سعد) في الطبقات (عن مجاهد) بفتح الجيم وكسر الهاء بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة (مرسلا) هو الإمام في القراءة والتفسير.
2703 (أنا دعوة إبراهيم) أي صاحب دعوته بقوله حين بنى الكعبة * (ابعث فيهم رسولا منهم) * وفائدته بعد فرض وقوعه نبيا مقدرا له ذلك التنويه بشرفه وكونه مطلوب
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست