فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٦٣
فيجب عليهم أن أكون أحب إليهم من أنفسهم وحكمي أنفذ عليهم من حكمها وهذا قاله عليه الصلاة والسلام لما نزلت الآية، ومن محاسن أخلاقه السنية أنه لم يذكر ما له في ذلك من الحظوظ بل اقتصر على ما هو عليه حيث قال: (فمن توفي) بالبناء للمجهول أي مات (من المؤمنين) إلى آخر ما يأتي ومن هذا التقرير استبان اندفاع اعتراض القرطبي بأن الأولوية قد تولى المصطفى صلى الله عليه وسلم تفسيرها بقوله فمن توفي إلخ ولا عطر بعد عروس ووجه الاندفاع أنه تفريع على الأولوية العامة لا تخصيص فلا ينافي ما سبق بل أفاد فائدة حسنة وهي أن مقتضى الأولوية مرعي في جانب الرسول أيضا (فترك) عليه (دينا) بفتح الدال (فعلي) قال ابن بطال: هذا ناسخ لترك الصلاة على من مات وعليه دين (قضاؤه) من بيت المال قيل وجوبا لأن فيه حق الغارمين وقيل وعدا والأشهر عند الشافعية وجوبه مما يفئ الله عليه من غنيمة وصدقة ولا يلزم الإمام فعله بعده في أحد الوجهين وإلا أثم إن كان حق الميت من بيت المال بقدر الدين وإلا فيسقطه (ومن ترك مالا) يعني حقا فذكر المال غالبي إذ الحقوق تورث كالمال (فهو لورثته) لفظ رواية البخاري فليرثه عصبته من كانوا وعبر بمن الموصولة ليعمم أنواع العصبة وفي الأولوية فيما ذكر وجه حسن حيث رد على الورثة المنافع وتحمل المضار والتبعات وخص هذا القسم بالبيان دفعا لتوهم الانحصار في جانب الأمة وفيه أنه لا ميراث بالتبني ولا بالخلف وأن الشرع أبطلهما قال النووي:
وحاصل معنى الحديث أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم أو موته أنا وليه في الحالين فإن كان عليه دين قضيته إن لم يخلف وفاء وإن كان له مال فلورثته لا آخذ منه شيئا وإن خلف عيالا محتاجين فعلي مؤونتهم (حم ق ن ه عن أبي هريرة).
2708 (أنا الشاهد على الله أن) أي بأن (لا يعثر) بعين مهملة ومثلثة أي يزل (عاقل) مسلم أي كامل العقل (إلا رفعه) الله من عثرته (ثم لا يعثر) مرة أخرى (إلا رفعه) منها (ثم لا يعثر) مرة ثالثة (إلا رفعه) منها كذلك وهكذا (حتى يجعل مصيره إلى الجنة) أي لا يزال يرفعه ويغفر له حتى يصير إليها وأفاد بذلك أن العبد إذا سقط في ذنب ثم تاب منه عفي عنه ثم إذا سقط فيه عفي عنه أيضا كذلك وهكذا وإن بلغ سبعين مرة فإنه تعالى يحب كل مفتن تواب كما سيأتي في حديث والعثرة الكبوة ويقال للزلة عثرة لأنها سقوط في الإثم كما في المصباح كغيره وخص العاقل لأن العقل هو الذي يهديه ويرشده إلى التخلص من الذنب والتوبة منه فغير العاقل غافل لا يبالي بما ارتكبه (طس عن ابن عباس) قال الهيثمي: إسناده حسن وأعاده في موضع آخر ثم قال فيه محمد بن عمر بن الرومي وثقه ابن حبان وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات انتهى.
2709 (أنا برئ ممن حلق) أي من إنسان يحلق شعره عند المصيبة (وسلق) بسين وصاد أي
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست