فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥٦
تبدله تناقض ولا محال ولا نسخ كالإخبار عن الأمور الوضيعة وبيانه أن معنى كون الإنسان مكرما ومفضلا إنما هو بحسب ما يكرم به ويفضل على غيره ففي وقت يكرم بما يساوي فيه غيره وفي وقت يزاد على ذلك العير وفي وقت يكرم بشئ لم يكرم به أحد فيقال عليه في المنزلة الأولى مكرم وفي الثانية مفضل مقيد وفي الثالثة مفضل مطلقا ولا يلزم من ذلك تناقض ولا نسخ ذكره القرطبي قال: أغبط به وشد عليه يدك قال بعض الصوفية: وإنما أعلم أمته بالسادة وأنه أول شافع ليريحهم من التعب ذلك اليوم وذهابهم لنبي بعد نبي ليشفع لهم أو يرشدهم لنافع وأنهم يمكثون بمحلهم حتى تأتيه النوبة فيقول: أنا لها أنا لها فما ذهب إلي نبي بعد نبي إلا من لم يبلغه الخبر أو نسي، وأخذ من الحديث أنه لا بأس بقول الشيخ لتلميذه: خذ مني هذا الكلام المحقق الذي لا تجده عند غيري أو نحو ذلك بقصد اعتنائه وعدم تهاونه به. (تتمة) قالوا في الخصائص ص: خص نبينا صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى في فصل القضاء وبالشفاعة في إدخال قوم الجنة بغير حساب وبالشفاعة فيمن استحق النار لا يدخلها والشفاعة في رفع درجات ناس في الجنة كما جوز النووي اختصاص هذه والتي قبلها به ووردت به الأخبار في التي قبلها وصرح به عياض وغيره وبالشفاعة في إخراج عموم أمته من النار حتى لا يبقى منهم أحد ذكره السبكي وبالشفاعة لجمع من صلحاء المؤمنين ليتجاوز عنهم في تقصيرهم في الطاعات ذكره القزويني في العروة وبالشفاعة في الموقف تخفيفا عن من يحاسب وبالشفاعة فيمن دخل النار من الكفار أن يخفف عنه العذاب وبالشفاعة في أطفال المشركين أن لا يعذبوا وبالشفاعة في أهل بيته أن لا يدخل أحدا منهم النار (حم ت في المناقب ه) كلهم (عن أبي سعيد) الخدري قال الترمذي: حسن صحيح.
2694 (أنا قائد المرسلين) والنبيين يوم القيامة أي أكون إمامهم وهم خلفي قال الخليل: القود أن يكون الرجل أمام الدابة آخذا بناصيتها (ولا فخر وأنا خاتم النبيين) والمرسلين (ولا فخر وأنا شافع) للناس (ومشفع) فيهم (ولا فخر) وجه اختصاصه بالأولية أنه تحمل في مرضات ربه ما لم يتحمله بشر سواه وقام لله بالصبر والشكر حق القيام فثبت في مقام الصبر حتى لم يلحقه من الصابرين أحد وترقى في درجات الشكر حتى علا فوق الشاكرين فمن ثم خص بذلك قال العارف ابن عربي: كما صحت له السيادة في الدنيا بكل وجه ومعنى ثبتت السيادة له على جميع الناس يوم القيامة بفتحه باب الشفاعة ولا يكون ذلك لنبي إلا له فقد شفع في الرسل والأنبياء نعم والملائكة فأذن الله عند شفاعته له في ذلك لجميع من له شفاعة من ملك ورسول ونبي ومؤمن أن يشفع فهو أول شافع بإذن الله وأرحم الراحمين آخر شافع يوم القيامة فيشفع الرحيم عند المنتقم أن يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط فيخرجه المنعم المتفضل وأي شرف أعظم من دائرة تدار يكون آخرها أرحم الراحمين وآخر الدائرة متصل بأولها وأي شرف أعظم من شرف محمد صلى الله عليه وسلم حيث كان ابتداء الدائرة به وحيث اتصل به آخرها لكمالها فيه ابتدئت
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست