فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥٦٤
عدم وجها لكن هذه المعاني مدخلة لمتعاطيها في المتكلفين قال بعض شراح مسلم: هذا الحديث عليه نور النبوة عظيم الموقع من الشريعة.
3857 (الحلال بين) أي جلد الحل (والحرام بين) لا تخفى حرمته بالأدلة الظاهرة أو البين من كل منهما ما استقر الشرع على تحليله أو تحريمه كحل لحم الأنعام وتحريم لحم الخنزير قال الغزالي: يظن الجاهل أن الحلال مفقود وأن السبيل للوصول إليه مسدود حتى لم يبق من الطيب إلا الماء والحشيش النابت في الموات وما عداه فقد أحالته الأيدي العادية وأفسدته المعاملة الفاسدة وليس كذلك بل قال المصطفى صلى الله عليه وسلم الحلال بين ولا تزال هذه الثلاثة وإنما الذي فقد العلم بالحلال وبكيفية الوصول إليه اه‍ وقال القاضي: معنى الحديث أنه تعالى مهد لكل منهما أصلا يتمكن الناظر المتأمل فيه من استخراج أحكام ما يعن له من الجزئيات وتعرف أحوالها لكن قد يتفق في الجزئيات ما يقع فيه الاشتباه لوقوعه بين الأصلين ومشاركته لأفراد كل منهما من وجه فينبغي أن لا يجترئ المكلف على تعاطيه بل يتوقف حيث ما يتأمل فيه فيظهر له أنه من أي القبيلين فإن اجتهد ولم يظهر له أثر الرجحان بل رجع طرف الذهن عن إدراكه حسيرا تركه في حيز التعارض أسيرا وأعرض عما يريبه إلى ما لا يريبه استبراء لدينه أن يختل بالوقوع في المحارم وصيانة لعرضه أن يتهم بعدم المبالاة بالمعاصي والبعد عن الورع كما أشار إليه بقوله (فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك) فما اطمأن إليه القلب فهو بالحلال أشبه وما نفر عنه فهو بالحرام أشبه قال الحكيم: هذا عند المحققين الموصوفين بطهارة القلوب ونور اليقين فأولئك هم أهل هذه الرتبة أما العوام والعلماء الذين غذوا بالحرام فلا التفات إلى ما تطمئن إليه قلوبهم المحجبة بحجب الظلمات (تنبيه) روى الحافظ العراقي عن الإمام أحمد بن حنبل أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث حديث الأعمال بالنيات وحديث من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وحديث الحلال بين والحرام بين وقد مر ذلك ونظمه الزين العراقي:
أصول الإسلام ثلاث إنما * الأعمال بالنيات وهي القصد كذا الحلال بين وكل ما * ليس عليه أمرنا فرد (طص عن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي في موضع: إسناده حسن وقال في موضع آخر فيه أحمد بن شبيب قال الأزدي: منكر الحديث وتعقبه الذهبي بأن أبا حاتم وثقه.
3858 (الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه) فلم ينص على حله ولا حرمته نصا جليا ولا نصا خفيا (فهو مما عفى عنه) أي فيحل تناوله وهذا قاله لما سئل عن
(٥٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 ... » »»
الفهرست