الوبال لا لخلل في اللسان والبيان ما يكون بسببه الاجتراء وعدم المبالاة بالطغيان والتحرز عن الزور والبهتان وقال الطيبي: إنما قوبل العي في الكلام مطلقا بالبيان الذي هو التعمق في النطق والتفاصح وإظهار التقدم فيه على الناس مبالغة لذم البيان وأن هذه القضية غير مضرة بالإيمان مضرة ذلك البيان (حم ت ك عن أبي أمامة) قال الترمذي: حسن وقال الحافظ العراقي في أماليه: حديث حسن وقال الذهبي: صحيح.
3867 (الحياء والإيمان في قرن) أي مجموعهما في حبل أو قرن والقرن ضفيرة الشعر والجمع قرون يعني هما كشئ واحد (فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر) لأن من نزع منه الحياء ركب كل فاحشة وقارن كل قبيح ولا يحجزه عن ذلك دين إذا لم تستح فاصنع ما شئت والمراد الحياء الشرعي الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر وهو محمود وأما ما يقع سببا لترك أمر شرعي فهو مذموم وهو المراد بقول مجاهد لا يتعلم العلم مستحي وهو بسكون الحاء ولا في كلامه نافية لا ناهية ولهذا كانت ميم يتعلم مضمومة كأنه أراد تحريض المتعلمين وقول مجاهد هذا وصله أبو نعيم في الحلية قال ابن حجر في المختصر: وهو إسناد صحيح على شرط البخاري (طس عن ابن عباس) قال الهيثمي وغيره: فيه يوسف بن خالد السمني كذاب خبيث انتهى فكان ينبغي للمصنف حذفه.
3868 (الحياء زينة) لأنه من فعل الروح والروح سماوي وعمل أهل السماء يشبه بعضه بعضا في العبودية والنفس شهواني أرضي ميال إلى شهوة ثم أخرى وهكذا لا يهدي ولا يستقر فأعمالنا مختلفة فمرة عبودية ومرة ربوبية ومرة عجز ومرة اقتدار فإذا ريضت النفس وذللت وأدبت وكان السلطان والغلبة للروح جاء الحياء وهو خجل الروح عن كل ما لا يصلح في السماء وذلك يزين الجوارح الظاهرة والباطنة ومنه الوقار والحلم والأناة (والتقى كرم) لأن الكرم ما انقاد وذل ومن ثم سميت شجرة العنب كرما لأنها تمد فأينما مدت امتدت ولذلك شبه بها قلب المؤمن في الخير فإذا ولج النور في القلب ترطب ولان فتلين النفس ويذهب يبسها لأن حر الشهوة قد طغى بالنور الوارد على القلب فانقاد فاتقى (وخير المراكب الصبر) لأن الصبر ثبات العبد بين الرب لأحكامه ما أحب منها وما كره فهو خير مركب ركب به إليه وهو مركب الوفاء بالعهد خلق الله الدنيا ممرا إلى الآخرة والمجتازون يأخذون الزاد ويمرون أولا بالقبور ثم يخرجون إلى ربهم وجعل بابه الذي يدخلون عليه منه أمر باب وأهواله ليطهرهم من الدنس فبلغوه طاهرين فيمكن لهم في دار القدس فمن الوفاء بعهده أن يلتفت إلى