فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١٧٠
التي لا يستحقها غيره فمن نازعه إياها فالنار مثواه فعقوبة المتكبر في الدنيا المقت من أولياء الله والذلة بين عباد الله وفي الآخرة نار الله والحرص مسابقة قدر الله ومن سبق القدر سبق وهو مغالبة الحق تقدس ومن غالبه غلب فعقوبته في الدنيا الحرمان وفي الآخرة النيران والحسد تسخط قضاء الله فيما لا عذر للعبد فيه فعقوبته في الدنيا الغيظ الشديد وفي الآخرة نار الوعيد وخص هذه الثلاثة بالذكر لأنها أصول الشر قال الحرالي: أصول الشر ثلاثة الكبر الذي كان سبب بلاء إبليس والحرص الذي كان سبب بلاء آدم عليه السلام من الشجرة والحسد الذي كان سبب قتل قابيل هابيل وقال أبو حاتم: أحيد الموت خوفا من ثلاثة أشياء الكبر والحرص والخيلاء فإن المتكبر لا يخرجه الله من الدنيا حتى يريه الهوان من أرذل أهله وخدامه والحريص لا يخرجه من الدنيا حتى يحوجه إلى كسرة أو شربة والمختال لا يخرجه منها حتى يمرغه ببوله وقذره (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن مسعود).
(1) قال البيضاوي: أوحى الله إلى آدم أن يزوج كل واحد منهما توأم الآخر فسخط منه قابيل لأن أخته كانت أجمل فقال لهما آدم: قربا قربانا فمن أيهما قبل يتزوجها فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته فازداد قابيل سخطا وفعل ما فعل.
2927 (إياكم والطمع) الذي هو انبعاث هوى النفس إلى ما في أيدي الناس (فإنه هو الفقر الحاضر) والحر عبد إن طمع والعبد حر إن قنع وقد قال علي كرم الله وجهه في قوله تعالى * (فلنحيينه حياة طيبة) * إنها القناعة وقال حكيم: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع وقال بشر: لو لم يكن في القنوع إلا التمتع بالعز لكفى وقال الشافعي: من غلبت عليه شهوة الدنيا لزمته العبودية لأهلها ومن رضي بالقنوع زال عنه الخضوع وقال العارف المرسي رضي الله عنه: أردت أن أشتري شيئا ممن يعرفني وقلت: لعله يحابيني فنوديت السلامة في الدين بترك الطمع في المخلوقين وقال: الطمع ثلاثة أحرف كلها مجوفة فهو بطن كله فلذا صاحبه لا يشبع أبدا (وإياكم وما يعتذر منه) أي قوا أنفسكم الكلام فيما يحوج إلى الاعتذار كما سبق. (تتمة) قال بعض العارفين: الطمع طمعان طمع يوجب الذل لله وهو إظهار الافتقار وغايته العجز والانكسار وغايته الشرف والعز والسعادة الأبدية وطمع يوجب الذل في الدارين أي وهو المراد هنا وهو رأس حب الدنيا وحب الدنيا رأس كل خطيئة والخطيئة ذل وخزي وحقيقة الطمع أن تعلق همتك وقلبك وأملك بما ليس عندك فإذا أمطرت مياه الآمال على أرض الوجود وألقي فيها بذر الطمع بسقت أغصانها بالذل ومتى طمعت في الآخرة وأنت غارق في بحر الهوى ضللت وأضللت (طس) وكذا العسكري (عن جابر) قال الهيثمي: فيه ابن أبي حميد مجمع على ضعفه.
2928 (إياكم والكبر) فإنما أهلك إبليس الكبر قال: أنا خير منه وإنما كملت فضائل آدم عليه السلام باعترافه على نفسه (فإن الكبر يكون في الرجل) أي الإنسان (وإن عليه العباءة) من شدة الحاجة
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست