فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١٧٢
التي تعبوا فيها طول عمرهم في صحائفه فيأخذ منها بقدر مظلمته فيصبح أعلى مقاما منهم من حيث لا يشعر ولا يشعرون.
(أبو الشيخ [ابن حبان] في التوبيخ عن ابن مسعود) رضي الله تعالى عنه.
2931 (إياكم والكذب) فإن جريمته عظيمة وعاقبته وخيمة فإن العبد إذا قال بلسانه ما لم يكن كذبه الله وكذبه إيمانه من قلبه لأنه إذا قال لما لم يكن أنه كان فقد زعم أنه تعالى خلقه ولم يكن خلقه فقد افترى على الله فيكذبه إيمانه فلذلك قال: (فإن الكذب مجانب للإيمان) بنص القرآن فإنه سبحانه علل عذاب المنافقين به في قوله: * (ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) * ولم يقل بما كانوا يصنعون من النفاق إيذانا بأن الكذب قاعدة مذهبهم وأسه فينبغي تجنبه لمنافاته لوصف الإيمان والتصديق، روى ابن عبد البر في التمهيد أن عبد الله بن جراد سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل يزني المؤمن؟
قال: قد يكون ذلك قال: هل يكذب؟ قال: لا. ومن آفات الكذب أنه يضيق الرزق فقد روى أبو الشيخ [ابن حبان] في الطبقات عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: الكذب ينقص الرزق (حم وأبو الشيخ في في التوبيخ وابن لآل في مكارم الأخلاق) وابن عدي في الكامل (عن أبي بكر الصديق) رضي الله عنه قال قام فينا خطيبا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي هذا عام أول ثم بكى وقال: إياكم والكذب إلخ قال الزين العراقي: وإسناده حسن اه‍. وقال الدارقطني في العلل: الأصح وقفه ورواه ابن عدي من عدة طرق ثم عول على وقفه.
2932 (إياكم والالتفات في الصلاة فإنها) وفي رواية فإنه (هلكة) قال الراغب: الهلاك افتقاد الشئ عنك وهو عند غيرك موجود ومنه * (هلك عني سلطانيه) * وهلاك الشئ استحالته وفساده كقوله * (ويهلك الحرث والنسل) * والموت نحو * (إن امرؤ هلك) * (النساء:
والهلكة في الحديث من القسم الثاني لاستحالة كمال الصلاة بالالتفات اه‍. والالتفات في الصلاة بالصدر بحيث يخرج عن سمت القبلة حرام مبطل لها وبالوجه بلا حاجة مكروه تنزيها على الأصح عند أئمتنا الشافعية كالجمهور ولأن فيه ترك الاستقبال ببعض البدن وقال المتولي كالظاهرية : يحرم بلا ضرورة وقد ورد في كراهة الالتفات صريحا عدة أحاديث منها خبر أحمد وغيره لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه عنه انصرف فإن كان الالتفات لحاجة لم يكره للاتباع رواه مسلم عن جابر والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنه من حديث بكر الأسود عن الحسن. (هق عن أبي هريرة) ثم قال أعني العقيلي لا يتابع على هذا اللفظ قال وفي النهي عن الالتفات أحاديث صالحة كذا في لسان الميزان عنه وفيها بكر هذا قال البخاري: عن يحيى بن كثير
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست