فيها فأقبلوا على آخرتهم فشغلوا بها فاستحقوا أن يكونوا أكثر أهلها. وقال الغزالي: الأبله البليد في أمور الدنيا لأن قوة العقل لا تفي بعلوم الدنيا والآخرة جميعا وهما علمان متنافيان. فمن صرف عنايته إلى أحدهما قصرت بصيرته عن الأخرى على الأكثر ولذلك ضرب علي كرم الله وجهه للدنيا والآخرة ثلاثة أمثلة فقال هما كفتا ميزان وكالمشرق والمغرب وكالضرتين إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى، ولذلك ترى الأكياس في علم الدنيا وفي علم الطب والهندسة والحساب والفلسفة جهالا في أمور الآخرة والأكياس في دقائق علوم الآخرة جهالا بعلوم الدنيا غالبا لعدم وفاء قوة العقل بهما فيكون أحدهما مانعا من الكمال، في الثاني، ولذلك قال الحسن أدركنا أقواما لو رأيتموهم لقلتم مجانين ولو رأوكم لقالوا شياطين، فمهما سمعت أمرا غريبا من أمور الدين الذين جحده أهل الكياسة أو في سائر العلوم فلا ينفرنك جحودهم عن قبولها إذ من المحال أن يظفر سالك طريق الشرق بما يوجد في الغرب فكذا مجرى أمر الدنيا والآخرة، فالجمع بين كمال الاستبصار في مصالح الدنيا والدين لا يكاد يتيسر إلا لمن سخره الله لتدبير عباده في معاشهم ومعادهم وهم الأنبياء المؤيدون بروح القدس، أما قلوب غيرهم فإذا اشتغلت بأمر الدنيا انصرفت عن الآخرة وعكسه اه. (البزار) في مسنده (عن أنس) وظاهر صنيع المصنف أن البزار خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه بل ضعفه فعزوه له مع حذف ما عقبه به من تضعيفه غير سديد ووجه ضعفه ما قال الهيثمي إن فيه سلامة بن روح وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أحمد بن صالح وغيره. وقال الزين العراقي في هذا الحديث قد صححه الدارقطني في التذكرة وليس كذلك فقد قال ابن عدي إنه منكر، وسبقه له ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال ابن عدي حديث منكر، وقال الدارقطني تفرد به سلامة عن عقيل وهو ضعيف.
1380 - (أكثر خرز الدنيا) لفظ رواية أبي نعيم: أكثر خرز أهل الجنة، وهو كذلك في نسخ (العقيق) بفتح العين المهملة وقافين أولهما مكسورة بينهما مثناة تحتية: أي هو أكثر حليهم الذين يحلون به، ويحتمل أن المراد أنه أكثر خرزها الملقى في عرصاتها بمنزلة الحصى والرمال في الدنيا (حل) من حديث محمد بن الحسن بن قتيبة عن عبيد بن الغازي عن مسلم بن عبد الله الزاهد عن القاسم بن معين عن أخته أمينة عن عائشة بنت سعد (عن عائشة) أم المؤمنين هكذا رواه في نسخ ابن الحلية وفي بعضها بدل سالم مسلم بن ميمون الخواص الزاهد، فأما مسلم بن عبد الله فقال في الميزان وهاه ابن حبان، قال وله بلايا منها هذا الحديث وقال ابن الجوزي: هو كذاب وأما مسلم بن ميمون فعده الذهبي من الضعفاء والمتروكين وقال قال ابن حبان بطل الاحتجاج به، وقال أبو حاتم لا يكتب حديثه وقال غيره له مناكير ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وقال السخاوي طرق العقيق كلها ضعيفة واهية.
1381 - (أكثر خطايا ابن آدم من) وفي رواية في (لسانه) لأنه أكثر أعضائه عملا وهو صغير جرمه عظيم جرمه، فمن أطلق عذبة لسانه مرخى العنان ملك به الشيطان في كل ميدان