فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢١
وليس المراد أن تكفير الصغائر شرطه اجتناب الكبائر. إذ اجتنابها بمجرده، يكفر الصغائر كما نطق به القرآن ولا يلزم منه أن لا يكفرها إلا اجتناب الكبائر، ومن لا صغائر له يرجى أن يكفر عنه بقدر ذلك من الكبائر وإلا أعطي من الثواب بقدره وهو جار في جميع نظائره (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي:
فيه سويد بن عبد العزيز ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما.
1210 - (اغتنم خمسا قبل خمس) أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أشياء: (حياتك قبل موتك) يعني اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك فإن من مات انقطع عمله، وفاته أمله وحق ندمه وتوالى همه فاقترض منك لك (وصحتك قبل سقمك) أي اغتنم العمل، حال الصحة فقد يمنع مانع كمرض فتقدم المعاد بغير زاد (وفراغك قبل شغلك) أي اغتنم فراغك في هذه الدار قبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر فاغتنم فرصة الإمكان لعلك تسلم من العذاب والهوان (وشبابك قبل هرمك) أي اغتنم الطاعة حال قدرتك قبل هجوم عجز الكبر عليك فتندم على ما فرطت في جنب الله. (وغناك قبل فقرك) أي اغتنم التصدق بفضول مالك قبل عروض جائحة تفقرك فتصير فقيرا في الدنيا والآخرة فهذه الخمسة لا يعرف قدرها إلا بعد زوالها. ولهذا جاء في خبر سيجئ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ. تنبيه: قال حجة الإسلام: الدنيا منزل من منازل السائرين إلى الله تعالى والبدن مركب ومن ذهل عن تدبير المنزل والمركب لم يتم سفره وما لم ينتظم أمر المعاش في الدنيا لا يتم أمر التبتل والانقطاع إلى الله الذي هو السلوك (ك) في الرقاق (هب عن ابن عباس) قال الحاكم في مستدركه على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص واغتر به المصنف فرمز لصحته وهو عجيب ففيه جعفر بن برقان أورده الذهبي نفسه في الضعفاء والمتروكين وقال: قال أحمد: يخطئ في حديث الزهري وقال ابن خزيمة: لا يحتج به (حم في الزهد) قال الزين العراقي: بإسناد حسن (حل هب عن عمرو بن ميمون) ابن مهران الجوزي سبط سعيد بن جبير تابعي ثقة فاضل (مرسلا) قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه اغتنم إلى آخره وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه لقول مغلطاي وغيره لا يجوز لحديثي عزو حديث في أحدها لغيره إلا لزيادة فائدة فيه أو بيان ما فيه، وليس كذلك فقد خرجه النسائي في المواعظ عن عمرو هذا باللفظ المزبور.
1211 - (اغتنموا الدعاء) أي اجتهدوا في تحصيله وفوزوا به فإنه غنيمة (عند الرقة) بكسر الراء وشدة القاف، أي عند لين القلب وخشوعه وقشعرير البدن بمشاهدة عظمة الله أو خوفا من عذابه أو حبا من كرمه أو غير ذلك مما يحدث الرقة وهو ضد القسوة التي هي علامة البعد عن الرب * (فويل للقاسية قلوبهم) * [الزمر: 22] (فإنها رحمة) أي فإن تلك الحالة ساعة رحمة فإذا دعى العبد فيها كان
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»